ليست مقلوبة بل المفازة المهلكة، يقولون: فوز الرجل إذا هلك و مات. و من قرأ «تأمرونني» فلانه الأصل. و من شدد أدغم احدي النونين في الأخري. و من خفف حذف احدي النونين، کما قال الشاعر:
تراه كالثغام يعل مسكا بسوء الغاليات إذا قليني[1]
أراد قلينني فحذف. لما اخبر الله تعالي عن حال الكفار و أن الله يحشرهم يوم القيامة مسودة وجوههم، و أن مقامهم في جهنم، اخبر انه ينجي الّذين اتقوا معاصي الله خوفاً من عقابه، و يخلصهم. و قوله «بِمَفازَتِهِم» بمنجاتهم من النار بطاعاتهم الّتي أطاعوا الله بها. و اصل المفازة المنجاة، و به سميت الفلاة مفازة علي وجه التفاؤل بالنجاة منها، کما سموا اللديغ سليما. و من وحد فلأنه اسم جنس او مصدر يقع علي القليل و الكثير. و من جمع أراد تخلصهم من مواضع كثيرة فيها هلاك الكفار و انواع عذابهم.
و قوله «لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَ لا هُم يَحزَنُونَ» معناه إن هؤلاء المؤمنين الّذين يخلصهم اللّه من عقاب الآخرة و أهوالها لا يمسهم عذاب أصلا، و لا هم يغتمون علي وجه. و قوله «لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ» معناه نفياً عاماً لسائر انواع العذاب، و العموم في قوله «وَ لا هُم يَحزَنُونَ» فيه تأكيد له، و قيل: لئلا يظن ظان انه لما لم يمسهم العذاب جاز أن يمسهم بعض الغم، ففي ذلک تفصيل واضح يزيل الشبهة.
ثم اخبر تعالي انه خلق کل شيء، و معناه انه يقدر علي کل شيء «وَ هُوَ عَلي كُلِّ شَيءٍ وَكِيلٌ» أي له التصرف في ما يريد حافظ له، و إن حملنا معني الخلق علي الأحداث، فالمراد به «خالِقُ كُلِّ شَيءٍ» من مقدوراته من الأجسام و الاعراض. و قوله «لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَ الأَرضِ» و المقاليد المفاتيح واحده