عشرة آيات بلا خلاف.
لما حكي اللّه تعالي عن الكفار أنهم قالوا في النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله أنه كاهن و مجنون، و انه شاعر نتربص به ريب المنون أي نتوقع فيه حوادث الدهر و الهلاك، قال اللّه تعالي لنبيه صَلي اللّهُ عَليه و آله (قل) لهم يا محمّد (تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُم مِنَ المُتَرَبِّصِينَ) فالتربص هو الانتظار بالشيء انقلاب حال إلي خلافها. و المعني إنكم إن تربصتم بي حوادث الدهر و الهلاك، فاني معكم من المنتظرين لمثل ذلک، فتربص الكفار بالنبي صَلي اللّهُ عَليه و آله و المؤمنين قبيح، و تربص النبي و المؤمنين بالكفار و توقعهم لهلاكهم حسن، و قوله (فتربصوا) و إن کان بصيغة الامر فالمراد به التهديد.
و قوله (أَم تَأمُرُهُم أَحلامُهُم بِهذا) علي طريق الإنكار عليهم ان هذا ألذي يقولونه و يتربصون بك من الهلاك. أحلامهم أي عقولهم تأمرهم به، و تدعوهم اليه و الأحلام جمع الحلم، و هو الامهال ألذي يدعو إليه العقل و الحكمة، فاللّه تعالي حليم كريم، لأنه يمهل العصاة بما تدعو اليه الحكمة، و يقال: هذه أحلام قريش أي عقولهم. ثم قال تعالي ليس الأمر علي ذلک (بَل هُم قَومٌ طاغُونَ) و الطاغي هو الطالب للارتفاع بالظلم لمن کان من العباد، و منه قوله (إِنّا لَمّا طَغَي الماءُ)[1] لأنه