قال الحسن: يعني المكرمين عند اللّه. و قيل: أكرمهم إبراهيم برفع مجالسهم في الإكرام و الإعظام ألذي يسر بالإحسان. و الإجلال هو الإعظام بالإحسان، و كذلك يلزم إعظام اللّه و إجلاله في جميع صفاته، و لا يجوز مثل ذلک في الإكرام، و لكن اللّه يكرم أنبياءه و المؤمنين علي طاعتهم.
و قوله «إِذ دَخَلُوا عَلَيهِ» يعني حين دخلوا علي إبراهيم «فَقالُوا» له «سَلاماً» علي وجه التحية له أي اسلم سلاماً «ف قالَ» لهم جواباً عن ذلک «سَلامٌ» و قرئ سلّم، فلما ارتاب عليه السلام بهم قال «قَومٌ مُنكَرُونَ» أي أنتم قوم منكرون، و الإنكار بنفي صحة الأمن و نقيضه الإقرار، و مثله الاعتراف. و إنما قال: منكرون، لأنه لم يكن يعرف مثلهم في أضيافه، و سماهم اللّه أضيافا، لأنهم جاءوه في صفة الأضياف و علي وجه مجيئهم. و معني (سلاماً) أي اسلم سلاماً، و قوله «قالَ سَلامٌ» أي سلام لنا. و قوله «فَراغَ إِلي أَهلِهِ» أي ذهب اليهم خفياً، فالروغ الذهاب في خفي، راغ يروغ روغاً و روغاناً، و راوغه مراوغة و رواغاً، و أراغه علي كذا إذا أراده عليه في خفي أنفاً من رده. و قوله «فَجاءَ بِعِجلٍ سَمِينٍ» فالعجل واحد البقر الصغير مأخوذ من تعجيل أمره بقرب ميلاده، و سمي عجولا و جمعه عجاجيل. و قال قتادة: کان عامة مال نبي اللّه إبراهيم عليه السلام البقر. و السمين الكثير الشحم علي اللحم، سمن يسمن سمناً، و سمنه تسميناً و اسمنه اسماناً و تسمن تسمناً، و نقيض السمن الهزال. و قوله «فَقَرَّبَهُ إِلَيهِم» أي أدناه لهم و قدمه بين أيديهم و قال لهم: كلوه، فلما رآهم لا يأكلون عرض عليهم ف «قالَ أَ لا تَأكُلُونَ» و في الكلام حذف، لان تقديره فقدمه اليهم فأمسكوا عن الاكل فقال ألا تأكلون فلما امتنعوا من الأكل «فَأَوجَسَ مِنهُم خِيفَةً» أي خاف منهم و ظن أنهم يريدون به سوء، فالايجاس الاحساس بالشيء خفياً، أوجس يوجس إيجاساً و توجس توجساً.