و قوله (يَومَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ) من قرأ بالنون فعلي وجه الاخبار من اللّه عن نفسه. و من قرأ- بالياء- و هو نافع و ابو بكر، فعلي تقدير يقول اللّه لجهنم (هل امتلأت) من كثرة من ألقي فيك من العصاة (فتقول) جهنم (هل من مزيد) أي ما من مزيد!! أي ليس يسعني اكثر من ذلک. و قال قوم: هذا خطاب من اللّه لخزنة جهنم علي وجه التقريع و التقرير لهم هل امتلأت جهنم، فتقول الخزنة هل من مزيد! و قال قوم: و هو الأظهر إن الكلام خرج مخرج المثل أي ان جهنم من سعتها و عظمها في ما يظهر من حالها بمنزلة الناطقة الّتي إذا قيل لها هل امتلأت فتقول هل من مزيد أي لم أمتلئ اي في سعه كثرة، و مثله قول الشاعر:
امتلأ الحوض و قال قطني مهلا رويداً قد ملأت بطني[1]
و الحوض لم يقل شيئاً، و إنما أخبر عن امتلائها و انها لو كانت ممن تنطق لقالت قطني مهلا رويداً قد ملأت بطني. و كذلك القول في الآية. و قال الحسن و عمرو بن عبيد و واصل بن عطاء: معني هل من مزيد ما من مزيد، و انه بمعني لا مزيد و أنكروا أن يکون طلباً للزيادة، لقوله (لَأَملَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَ النّاسِ أَجمَعِينَ)[2] و قال بعضهم: هذا ليس بمنكر من وجهين:
أحدهما- أن يکون ذلک حكاية عن الحال الّتي قبل دخول جميع اهل النار فيها و لم تمتلأ بعد و ان امتلأت في ما بعد.
و الآخر- ان يکون طلب الزيادة بشرط ان يزاد في سعتها. و قال قوم:
هل من مزيد بمنزلة
قول النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله يوم فتح مكة و قد قيل له ألا تنزل دارك، فقال (و هل ترك لنا عقيل من ربع)
لأنه کل قد باع دور بني هاشم لما خرجوا