غير ما کان بقادر عليه فمن جعل مع اللّه إله آخر فقد صير ذلک الشيء علي غير ما کان عليه باعتقاده انه إله آخر مع اللّه و ذلک جهل منه عظيم و ذهاب عن الصواب بعيد، فيقول اللّه للملكين الموكلين به يوم القيامة (ألقياه) أي اطرحاه (فِي العَذابِ الشَّدِيدِ) و الإلقاء الرمي بالشيء إلي جهة السفلي، و قولهم: ألقي عليه مسألة بمعني طرحها عليه مشبه بذلك. و اصل إلقاء المماسة، و الالتقاء من هذا ففي الإلقاء طلب مماسة الشيء الإرض بالرمي (قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطغَيتُهُ) قال إبن عباس: قرينه- هاهنا- شيطانه. و به قال مجاهد و قتادة و الضحاك. و سمي قرينه لأنه يقرن به في العذاب، و هو غير قرينه ألذي معه يشهد عليه، و القرين نظير الشيء من جهة مصيره بإزائه.
حكي اللّه عن شيطانه ألذي أغواه انه يقول «ما أَطغَيتُهُ» فالاطغاء الإخراج إلي الطغيان، و هو تجاوز الحد في الفساد أطغاه و طغي يطغي طغياناً، فهو طاغ.
و الاول مطغي. و قال الحسن: ما أطغيته باستكراه، و هو من دعاه إلي الطغيان.
و المعني لم أجعله طاغياً «وَ لكِن كانَ» هو بسوء اختياره «فِي ضَلالٍ» عن الايمان «بَعِيدٍ» عن إتباعه. و مثله قوله «وَ ما كانَ لِي عَلَيكُم مِن سُلطانٍ إِلّا أَن دَعَوتُكُم فَاستَجَبتُم لِي»[1] فيقول اللّه تعالي لهم «لا تَختَصِمُوا لَدَيَّ» أي لا يخاصم بعضكم بعضاً عندي (وَ قَد قَدَّمتُ إِلَيكُم بِالوَعِيدِ) في دار التكليف، فلم تنزجروا و خالفتم امري (ما يُبَدَّلُ القَولُ لَدَيَّ) معناه إن ألذي قدمته إليكم في الدنيا من أني أعاقب من جحدني و كذب برسلي و خالفني في أمري لا يبدل بغيره، و لا يکون خلافه (وَ ما أَنَا بِظَلّامٍ لِلعَبِيدِ) أي لست بظالم لاحد في عقابي لمن استحقه بل هو الظلام لنفسه بارتكاب المعاصي الّتي استحق بها ذلک. و إنما قال: بظلام للعبيد علي وجه المبالغة رداً لقول من أضاف جميع الظلم اليه- تعالي اللّه عن ذلک-.