به الإنكار.
ثم خاطب نبيه صَلي اللّهُ عَليه و آله فقال «يَمُنُّونَ عَلَيكَ أَن أَسلَمُوا» فالمن القطع بإيصال النفع الموجب للحق، و منه قوله «فَلَهُم أَجرٌ غَيرُ مَمنُونٍ»[1] أي غير مقطوع، و منه قولهم: المنة تكدر الصنيعة و قيل: إذا كفرت النعمة حسنت المنة. و من لا أحد إلا و هو محتاج اليه، فليس في منه تكدير النعمة، لان الحاجة لازمة لامتناع أن يستغني عنه بغيره. و اكثر المفسرين علي ان الآية نزلت في المنافقين. و قال الحسن: نزلت في قوم من المسلمين قالوا: أسلمنا يا رسول اللّه قبل ان يسلم بنو فلان، و قاتلنا معك بني فلان. و قال الفراء: نزلت في اعراب من بني أسد قدموا علي النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله بعيالاتهم طمعاً في الصدقة، و كانوا يقولون أعطنا، فانا أتيناك بالعيال و الأثقال و جاءتك العرب علي ظهور رواحلها، فأنزل اللّه فيهم الآية. ثم قال «بَلِ اللّهُ يَمُنُّ عَلَيكُم» بأنواع نعمه و «ب أَن هَداكُم لِلإِيمانِ» و أرشدكم اليه بما نصب لكم من الأدلة عليه و رغبكم فيه «إِن كُنتُم صادِقِينَ» في إيمانكم ألذي تدعونه.
و متي كنتم صادقين يجب أن تعلموا ان المنة لله عليكم في إيمانكم، لا لكم علي اللّه و رسوله.
و موضع «أَن أَسلَمُوا» نصب ب «يمنوا» و هو مفعول به. و قيل: موضعه الجر، لأن تقديره بأن اسلموا. ثم قال إن اللّه يعلم غيب السموات و الإرض و اللّه بصير بما يعملون من طاعة و معصية و إيمان و كفر في باطن او ظاهر لا يخفي عليه شيء من ذلک.