هذه الآية عند رجوع النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله من الحديبية، بشر في ذلک الوقت بفتح مكة، و تقديره (إِنّا فَتَحنا لَكَ) مكة. و قال البلخي عن الشعبي في وقت الحديبية بويع النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله بيعة الرضوان، و أطعموا نخيل خيبر، و ظهرت الروم علي فارس، و بلغ الهدي محله. و الحديبية بئر،
فروي انها غارت فمج النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله فيها فظهر ماؤها حتي امتلأت به.
و قال قتادة: معني (فتحنا) قضينا لك بالنصر. و قيل: معناه أعلمناك علماً ظاهراً في ما أنزلناه عليك من القرآن و أخبرناك به من الدين، و سمي العلم فتحاً، کما قال (وَ عِندَهُ مَفاتِحُ الغَيبِ)[1] أي علم الغيب. و قال (إِن تَستَفتِحُوا فَقَد جاءَكُمُ الفَتحُ)[2] و قال الزجاج: معناه أرشدناك إلي الإسلام، و فتحنا لك الدين بدلالة قوله (لِيُعَذِّبَ اللّهُ المُنافِقِينَ وَ المُنافِقاتِ وَ المُشرِكِينَ وَ المُشرِكاتِ وَ يَتُوبَ اللّهُ عَلَي المُؤمِنِينَ وَ المُؤمِناتِ)[3] و قال مجاهد (فَتَحنا لَكَ فَتحاً مُبِيناً) يعني نحره بالحديبية و حلقه. و قال قتادة: معناه قضينا لك قضاء بيناً. و في الحديبية مضمض رسول اللّه صَلي اللّه عَليه و آله في البئر و قد غارت فجاشت بالرواء. و الفتح هو القضاء من قولهم:
اللهم أفتح لي. و قوله تعالي (رَبَّنَا افتَح بَينَنا وَ بَينَ قَومِنا بِالحَقِّ وَ أَنتَ خَيرُ الفاتِحِينَ)[4] و الفتح الفرج المزيل للهم. و منه فتح المسألة إذا انفرجت عن بيان ما يؤدي إلي المطلوب، و منه فتح عليه القراءة، لأنه متعلق بالسهو، و ينفتح بالذكر و الفتح المبين هو الظاهر، و كذلك جري فتح مكة.
و قوله (لِيَغفِرَ لَكَ اللّهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ) قيل جعل غفرانه جزاء عن ثوابه علي جهاده في فتح مكة. و قيل في معناه اقوال: