responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 9  صفحة : 310

‌ثم‌ ‌بين‌ ‌تعالي‌ ‌لم‌ ‌لا‌ يسألهم‌ أموالهم‌، ‌فقال‌ (إِن‌ يَسئَلكُمُوها فَيُحفِكُم‌ تَبخَلُوا وَ يُخرِج‌ أَضغانَكُم‌) فالاحفاء الإلحاح‌ ‌في‌ المسألة ‌حتي‌ ينتهي‌ ‌إلي‌ مثل‌ الحفاء، و المشي‌ بغير حذاء، أحفاه‌ بالمسألة يحفيه‌ إحفاء. و ‌قيل‌ الإحفاء طلب‌ الجميع‌ (تبخلوا) ‌ أي ‌ تمنعونه‌. و البخل‌ ‌قال‌ قوم‌: ‌هو‌ منع‌ الواجب‌. و ‌قال‌ الرماني‌: البخل‌ منع‌ النفع‌ ‌ألذي‌ ‌هو‌ أولي‌ ‌في‌ العقل‌، ‌قال‌: و ‌من‌ زعم‌ ‌أن‌ البخل‌ منع‌ الواجب‌ عورض‌ بأن‌ البخل‌ منع‌ ‌ما يستحق‌ بمنعه‌ الذم‌، لأن‌ البخيل‌ مذموم‌ بلا خلاف‌، و ‌قد‌ يمنع‌ الواجب‌ الصغير ‌فلا‌ يجوز وصفه‌ بأنه‌ بخيل‌ (وَ يُخرِج‌ أَضغانَكُم‌) لأن‌ ‌في‌ سؤال‌ الأموال‌ بالاحفاء خروج‌ الاضغان‌ و ‌هي‌ الأحقاد ‌الّتي‌ ‌في‌ القلوب‌ و العداوات‌ الباطنة. و ‌قيل‌ (الاضغان‌) ‌هي‌ المشاق‌ ‌الّتي‌ ‌في‌ القلوب‌، و لذلك‌ ذكر الإخراج‌. و ‌قيل‌: و يخرج‌ اللّه‌ المشقة ‌الّتي‌ ‌في‌ قلوبكم‌ بسؤال‌ أموالكم‌. و إنما قدم‌ المخاطب‌ ‌علي‌ الغائب‌ ‌في‌ ‌قوله‌ (‌أن‌ يسألكموها) لأنه‌ ابتداء بالاقرب‌ ‌مع‌ انه‌ المفعول‌ الاول‌، و يجوز ‌مع‌ الظاهر ‌أن‌ يسألها جماعتكم‌، لأنه‌ غائب‌ ‌مع‌ غائب‌، فالمتصل‌ أولي‌ بأن‌ يليه‌ ‌من‌ المنفصل‌.

‌ثم‌ ‌قال‌ (ها أَنتُم‌ هؤُلاءِ) و إنما كرر التنبيه‌ ‌في‌ موضعين‌ للتوكيد، ‌فقال‌ (ها أَنتُم‌ هؤُلاءِ) و ‌قيل‌ (ها) للتقريب‌، و دخل‌ ‌علي‌ المضمر لمشاكلة (اليهم‌) ‌في‌ انه‌ معرفة تصلح‌ صيغته‌ لكل‌ مكني‌ عنه‌ ‌علي‌ جهَة جماعة المخاطب‌، ‌کما‌ يصلح‌ (هؤلاء) لكل‌ خاص‌ مشار اليه‌، و ‌لم‌ يجز ‌مع‌ الظاهر لبعده‌ ‌من‌ المبهم‌. و ‌قال‌ بعضهم‌: العرب‌ ‌إذا‌ زادت‌ التقريب‌ جعلت‌ المكني‌ ‌بين‌ (ها) و ‌بين‌ (ذا)، فيقولون‌ ‌ما أنت‌ ذا قائماً، لان‌ التقريب‌ جواب‌ الكلام‌ فربما أعادت‌ (ها) ‌مع‌ (ذا) و ربما اجتزأت‌ بالأولي‌ و حذفت‌ الثانية، و ‌لا‌ يقدمون‌ (أنتم‌) ‌علي‌ (ها) لأن‌ (ها) جواب‌، ‌فلا‌ يقرب‌ بها ‌بعد‌ الكلمة. و ‌قوله‌ (تُدعَون‌َ لِتُنفِقُوا فِي‌ سَبِيل‌ِ اللّه‌ِ) لينيلكم‌ الجزيل‌ ‌من‌ ثوابه‌ و ‌هو‌ غني‌ عنكم‌ و ‌عن‌ جميع‌ خلقه‌ (فَمِنكُم‌ مَن‌ يَبخَل‌ُ) ‌فلا‌ ينفق‌ ماله‌ ‌في‌ سبيل‌ اللّه‌.

اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 9  صفحة : 310
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست