علي ذلک، لأنكم لا تستحقون الثواب علي ما يعلم اللّه انه يکون.
الثاني- حتي نعاملكم معاملة من كأنه يطلب ان يعلم.
و قيل: معناه حتي يعلم أوليائي المجاهدين منكم، و أضافه إلي نفسه تعظيماً لهم و تشريفاً، کما قال «إِنَّ الَّذِينَ يُؤذُونَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ»[1] يعني يؤذن أولياء اللّه. و قيل:
معناه حتي يتميز المعلوم في نفسه، لأنهم إنما يتميزون بفعل الايمان. و قيل: المعني حتي تعلموا أنتم، و اضافه إلي نفسه تحسناً کما أن الإنسان العالم إذا خولف في ان النار تحرق الحطب يحسن ان يقول: نجمع بين النار و الحطب لنعلم هل تحرق ام لا، و لا يجوز ان يکون المراد حتي نعلم بعد ان لم نكن عالمين، لأنه تعالي عالم في ما لم يزل بالأشياء كلها، و لو تجدد كونه عالماً لاحتاج إلي علم محدث كالواحد منا و ذلک لا يجوز أن يکون غرضاً بالتكليف، لكن يجوز ان يکون الغرض ظهور حق الذم علي الاساءة، و إنما جاز في وصف اللّه الابتلاء، لأن المعني انه يعامل معاملة المبتلي المختبر مظاهرة في العدل بالجزاء لها. و الجهاد احتمال المشقة في قتال المشركين و اعداء دين اللّه. و أفضل الأعمال علم الدين، و الجهاد في سبيل اللّه، لأن علم الدين به يصح العمل بالحق و الدعاء اليه. و الجهاد داع إلي الحق مع المشقة فيه. و الصابر هو الحابس نفسه عما لا يحل له، و هي صفة مدح. و مع ذلک ففيها دليل علي حاجة الموصوف بها، لأنه إنما يحبس نفسه و يمنعها مما تشتهيه او تنازع اليه من القبيح «وَ نَبلُوَا أَخبارَكُم» أي نختبر اخباركم و نعلم المطيع من العاصي.
ثم اخبر تعالي «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا» بوحدانيته و جحدوا نبوة نبيه «و صدوا» أي منعوا غيرهم «عن» إتباع «سَبِيلِ اللّهِ» بالقهر تارة و بالإغراء أخري «وَ شَاقُّوا الرَّسُولَ» أي عاندوه و باعدوه بمعاداته «مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدي» و وضح لهم