غيرهم إلي مثل كفرهم. و الضلال الإهلاك حتي يصير بمنزلة ما لم يعمل، و ليس في الآية ما يدل علي القول بصحة الإحباط إذا حملناها علي ما قلناه. و من قال بالتحابط بين المستحقين لا بد ان يترك ظاهر الآية.
ثم قال «وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ» يعني صدقوا بتوحيد اللّه و الإقرار بنبوة نبيه و أضافوا إلي ذلک الاعمال الصالحات «و آمنوا بما انزل علي محمّد» من القرآن و العبادات و غيرها «وَ هُوَ الحَقُّ مِن رَبِّهِم» ألذي لا مرية فيه «كفر اللّه عنهم سيئاتهم» و قوله «وَ هُوَ الحَقُّ» يعني القرآن- علي ما قاله قوم- و قال آخرون إيمانهم باللّه و بالنبي صَلي اللّهُ عَليه و آله «هُوَ الحَقُّ مِن رَبِّهِم» أي بلطفه لهم فيه و حثه عليه و أمره به. و معني تكفير السيئات هو الحكم بإسقاط المستحق عليها من العقاب، فأخبر تعالي انه متي فعل المكلف الايمان باللّه و التصديق لنبيه أسقط عقاب معاصيه حتي يصير بمنزلة ما لم يفعل. و قوله «وَ أَصلَحَ بالَهُم» قال قتادة:
معناه و أصلح حالهم في معايشهم و أمر دنياهم. و قال مجاهد: و أصلح شأنهم، و البال لا يجمع، لأنه أبهم أخواته من الحال و الشأن.
ثم بين تعالي لم فعل ذلک و لم قسمهم هذين القسمين فقال «ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا» فعلنا ذلک بهم و حكمنا بابطال أعمالهم جزاء علي انهم «اتَّبَعُوا الباطِلَ» و المعاصي، و فعلنا بالمؤمنين من تكفير سيئاتهم لأنهم «اتَّبَعُوا الحَقَّ» ألذي أمر اللّه باتباعه. و قيل الباطل هو الشيطان- هاهنا- و الحق هو القرآن، و يجوز ان يکون التقدير الامر ذلک، و حذف الابتداء.
ثم قال تعالي (كَذلِكَ يَضرِبُ اللّهُ لِلنّاسِ أَمثالَهُم) أي هؤلاء الّذين حكمنا بهلاكهم و ضلالهم بمنزلة من دعاه الباطل فاتبعه، و المؤمن بمنزلة من دعاه الحق من اللّه فاتبعه و يکون التقدير يضرب اللّه للناس صفات أعمالهم بأن بينها و بين ما يستحق