النّاس. ثم حكي تعالي بأن هؤلاء الكفار يقولون عند ذلک (هذا عَذابٌ أَلِيمٌ) أي مؤلم موجع. و الغشي اللباس ألذي يغمر الشيء، لأن الإنسان قد يلبس الإزار و لا يغشيه. فإذا غمه کان قد غشاه. و الغاشية من النّاس الجماعة يغشون، و غاشية السرج من ذلک، و منه قوله (يُغشِي اللَّيلَ النَّهارَ)[1] و العذاب استمرار الألم و وصفه ب (أليم) مبالغة في سببه، لأجل استمراره و صار بالعرف عبارة عن العقاب، لان الألم ألذي يفعل للعوض و الاعتبار، كأنه لا يعتد به لما يؤل اليه من النفع.
رَبَّنَا اكشِف عَنَّا العَذابَ إِنّا مُؤمِنُونَ (12) أَنّي لَهُمُ الذِّكري وَ قَد جاءَهُم رَسُولٌ مُبِينٌ (13) ثُمَّ تَوَلَّوا عَنهُ وَ قالُوا مُعَلَّمٌ مَجنُونٌ (14) إِنّا كاشِفُوا العَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُم عائِدُونَ (15) يَومَ نَبطِشُ البَطشَةَ الكُبري إِنّا مُنتَقِمُونَ (16)
خمس آيات بلا خلاف.
لما اخبر اللّه تعالي أن الدخان يَغشَي النّاسَ عذاباً لهم و عقاباً للكفار، و حكي أنهم يقولون هذا عَذابٌ أَلِيمٌ، حكي أيضاً انهم يقولون و يدعون (ربنا اصرف عنا العذاب) ألذي أنزلته من الدخان (إنا موقنون) بأنه لا إله غيرك، و أن لا يستحق العبادة سواك. فقال تعالي (أَنّي لَهُمُ الذِّكري) قال إبن عباس معناه (كيف)! و قال غيره معناه من أين لهم الذكري (وَ قَد جاءَهُم رَسُولٌ مُبِينٌ) و حثهم علي ذلک فلم يقبلوا منه، و هذا زمان سقوط التكليف لكونهم ملجئين