من سائر أجناس الحيوان «وَ هُوَ عَلي جَمعِهِم إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ» أي علي جمعهم يوم القيامة و حشرهم إلي الموقف بعد إماتتهم قادر، لا يتعذر عليه ذلک.
ثم قال «وَ ما أَصابَكُم مِن مُصِيبَةٍ» معاشر الخلق (فَبِما كَسَبَت أَيدِيكُم وَ يَعفُوا عَن كَثِيرٍ) قال الحسن: ذلک خاص في الحدود الّتي تستحق علي وجه العقوبة. و قال قتادة: هو عام، و قال قوم: ذلک خاص و إن کان مخرجه مخرج العموم لما يلحق من المصائب علي الأطفال و المجانين و من لا ذنب له من المؤمنين. و قال قوم: هو عام بمعني ان ما يصيب المؤمنين و الأطفال إنما هو من شدة محنة تلحقهم، و عقوبة للعاصين کما يهلك الأطفال و البهائم مع الكفار بعذاب الاستئصال. و لأنه قد يکون فيه استصلاح اقتضاه وقوع تلك الاجرام.
و قيل قوله (وَ لَو بَسَطَ اللّهُ الرِّزقَ لِعِبادِهِ) بحسب ما يطلبونه و يقترحونه (لَبَغَوا فِي الأَرضِ) فانه لم يمنعهم ذلک لعجز، و لا بخل. و قوله (إذا يشاء) يدل علي حدوث المشيئة، لأنه لا يجوز ان يکون إذا قدر علي شيء فعله و لا إذا علم شيئاً فعله.
و يجوز إن شاء ان يفعل شيئاً فعله.
و قوله (أصابكم) قال ابو علي النحوي: يحتمل أمرين أحدهما- ان يکون صلة ل (ما). الثاني- ان يکون شرطاً في موضع جزم، فمن قدره شرطاً لم يجز سقوط الفاء- علي قول سيبويه- و أجاز ذلک ابو الحسن و الكوفيون. و إن کان صلة فالاثبات و الحذف جائزان علي معنيين مختلفين، فإذا ثبت الفاء کان ذلک دليلا علي ان الامر الثاني وجب بالأول كقوله (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَموالَهُم بِاللَّيلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً فَلَهُم أَجرُهُم)[1] فثبوت الفاء يدل علي وجوب الإنفاق و إذا حذف احتمل الأمرين.