responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 9  صفحة : 128

لأن‌ ‌ذلک‌ ‌لا‌ يقدر ‌عليه‌ ‌غير‌ اللّه‌. و الشمس‌ و القمر وجه‌ الدلالة فيهما ‌أن‌ الأجرام‌ الثقيلة ‌لا‌ تقف‌ بغير عمد و ‌لا‌ تتصرف‌ ‌علي‌ ‌غير‌ قرار و ‌لا‌ عماد ‌إلا‌ ‌أن‌ يصرفهما قادر ليس‌ كالقادرين‌ ‌من‌ الأجسام‌ ‌الّتي‌ تحتاج‌ ‌في‌ نقلها و تمسكها ‌إلي‌ غيرها، و ‌کل‌ جسم‌ ثقيل‌ يصرف‌ ‌من‌ ‌غير‌ عماد فمصرفه‌ ‌هو‌ ‌الله‌ ‌تعالي‌. و الأفعال‌ الدالة ‌علي‌ ‌الله‌ ‌تعالي‌ ‌علي‌ وجهين‌:

أحدهما‌-‌ ‌ما ‌لا‌ يقدر ‌عليه‌ ‌إلا‌ ‌هو‌ كخلق‌ الحياة و القدرة و الأجسام‌ و ‌غير‌ ‌ذلک‌ و الآخر‌-‌ ‌أنه‌ ‌إذا‌ وقع‌ ‌علي‌ وجه‌ مخصوص‌ ‌لا‌ يتأتي‌ ‌من‌ القادر بقدرة و ‌إن‌ ‌کان‌ جنسه‌ مقدوراً للعباد كتسكين‌ ‌الإرض‌ ‌من‌ ‌غير‌ عمد و تصرف‌ الشمس‌ و القمر بكونها مرة صاعدة و مرة هابطة و مرة طالعة و مرة غاربة ‌مع‌ ثقل‌ أجرامهما و بعدهما ‌من‌ عماد لها أعظم‌ دلالة ‌علي‌ ‌ان‌ لهما مصرفاً و مدبراً ‌لا‌ يشبههما و ‌لا‌ يشبهه‌ شي‌ء. ‌قال‌ ‌تعالي‌ «لا تَسجُدُوا لِلشَّمس‌ِ وَ لا لِلقَمَرِ» ‌کما‌ يفعل‌ قوم‌ ‌من‌ المجوس‌ بل‌ «اسجُدُوا لِلّه‌ِ الَّذِي‌ خَلَقَهُن‌َّ» و انشاهن‌. و إنما ‌قال‌ «خلقهن‌» لأنه‌ أجري‌ مجري‌ جمع‌ التكسير، و ‌لم‌ يغلب‌ المذكر ‌علي‌ المؤنث‌، لأنه‌ ‌في‌ ‌ما ‌لا‌ يعقل‌. و ‌قال‌ الزجاج‌: تقديره‌ ‌ألذي‌ خلق‌ ‌هذه‌ الآيات‌ «إِن‌ كُنتُم‌ إِيّاه‌ُ تَعبُدُون‌َ» ‌ أي ‌ ‌ان‌ كنتم‌ تقصدون‌ بعبادتكم‌ اللّه‌ فوجهوا العبادة اليه‌ دون‌ الشمس‌ و القمر. ‌ثم‌ ‌قال‌ «فَإِن‌ِ استَكبَرُوا» يعني‌ هؤلاء الكفار ‌ أي ‌ تكبروا ‌عن‌ توجيه‌ العبادة ‌إلي‌ اللّه‌ و أبوا ‌إلا‌ عبادة الأصنام‌ «فَالَّذِين‌َ عِندَ رَبِّك‌َ» يعني‌ ‌من‌ الملائكة «يُسَبِّحُون‌َ لَه‌ُ بِاللَّيل‌ِ وَ النَّهارِ وَ هُم‌ لا يَسأَمُون‌َ» ‌ أي ‌ ‌لا‌ يفترون‌ ‌من‌ عبادته‌ و ‌لا‌ يملونه‌. و السجود عند أصحابنا عند ‌قوله‌ «إِن‌ كُنتُم‌ إِيّاه‌ُ تَعبُدُون‌َ» و ‌هو‌ مذهب‌ أبي عمرو ‌بن‌ العلا. و عند الباقين‌ عند ‌قوله‌ «وَ هُم‌ لا يَسأَمُون‌َ».

‌ثم‌ ‌قال‌ ‌تعالي‌ «وَ مِن‌ آياتِه‌ِ» ‌ أي ‌ ‌من‌ أدلته‌ الدالة ‌علي‌ توحيده‌ و إخلاص‌ العبادة ‌له‌ «أَنَّك‌َ تَرَي‌ الأَرض‌َ خاشِعَةً» يعني‌ دارسة مهشمة‌-‌ ‌في‌ قول‌ قتادة

اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 9  صفحة : 128
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست