و في قراءة عبد اللّه (ذلک جزاء أعداء اللّه النار دار الخلد)، فهذا بين لا شيء فيه لأن الدار هي النار، فأعداء اللّه العصاة الّذين يعاديهم اللّه- عز و جل- و ليس هو من عداوة الإنسان لغيره إلا أن يراد به أنه يعمل عمل المعادي، کما قال (يُخادِعُونَ اللّهَ وَ الَّذِينَ آمَنُوا ...)[1].
ثم حكي ما يقول الكفار ايضاً، فإنهم يقولون
(رَبَّنا أَرِنَا الَّذَينِ أَضَلّانا مِنَ الجِنِّ وَ الإِنسِ)
قيل: أراد به إبليس الأبالسة و هو رأس الشياطين، و إبن آدم ألذي قتل أخاه، و هو قابيل.علي روي ذلک عن علي عليه السلام
، لأن قابيل أسس الفساد في ولد آدم. و قيل: هم الدعاة إلي الضلال من الجن و الانس.
و قوله (نَجعَلهُما تَحتَ أَقدامِنا) انهم لشدة عداوتهم و بغضهم لهم بما أضلوهم و أغووهم يتمنون ان يجعلوهما تحت أقدامهم و يطؤهم (لِيَكُونا مِنَ الأَسفَلِينَ) و قيل: المعني فيكونا في الدرك الأسفل من النار.
و قوله (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللّهُ ثُمَّ استَقامُوا) اخبار منه تعالي أن الّذين يقرون بلسانهم بتوحيد اللّه و يصدقون أنبياءه و يعترفون باللّه (يقولون ربنا اللّه ثم استقاموا) أي استمروا علي ما توجبه الربوبية. و قال الحسن و قتادة و إبن زيد: معناه ثم استقاموا علي طاعة اللّه (تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمُ المَلائِكَةُ) قال مجاهد و السدي: يعني عند الموت. و قال الحسن: تتنزل عليهم الملائكة تستقبلهم إذا خرجوا من قبورهم في الموقف بالبشارة. و يقولون لهم (لا تخافوا) عقاب اللّه «وَ لا تَحزَنُوا» لفوات الثواب (وَ أَبشِرُوا بِالجَنَّةِ الَّتِي كُنتُم تُوعَدُونَ) بها في دار الدنيا جزاء علي الطاعات. و موضع (أن لا تخافوا) النصب و تقديره تتنزل عليهم و الملائكة بأن لا تخافوا، فلما حذف الباء نصب، و في قراءة عبد اللّه (لا تخافوا) بلا (أن)