(أَنذَرتُكُم صاعِقَةً) أي خوفتكم إياها ان ينزل بكم کما نزل بمن قبلكم و نصب (صاعقة) علي انه مفعول ثان (مِثلَ صاعِقَةِ عادٍ وَ ثَمُودَ) الّتي أرسلها اللّه عليهم و املكهم بها، فقال السدي: الصاعقة أراد بها العذاب، و قال قتادة: معناه وقيعة. و قيل:
إن عاداً أهلكت بالريح و الصاعقة جميعاً. و قوله (إِذ جاءَتهُمُ الرُّسُلُ مِن بَينِ أَيدِيهِم) ف (إذ) متعلقة بقوله (صاعقة) أي نزلت بهم إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم و من خلفهم، منهم من تقدم زمانه و منهم من تأخر عنه، و قال الفراء:
أتت الرسل إياهم و من کان قبلهم و من خلفهم أي و جاءتهم أنفسهم رسل من بعد أولئك الرسل فيكون الهاء و الميم في خلفهم للرسل، و يکون لهم بجعل ما خلفهم ما معهم. و قال قوم: معناه قبلهم و بعد أن بلغوا و تعبدوا بأمر الرسل الّذين تقدموهم، قال البلخي: و يجوز أن يکون المراد أتتهم اخبار الرسل من هاهنا و هاهنا مع ما جاءهم منهم (أَلّا تَعبُدُوا إِلَّا اللّهَ) أي أرسلناهم بأن لا يعبدوا إلا اللّه وحده لا شريك له و ألا يشركوا بعبادته غيره، فقال المشركون عند ذلک (لَو شاءَ رَبُّنا) أن نؤمن و نخلع الأنداد «لَأَنزَلَ مَلائِكَةً» يدعوننا إلي ذلک و لم يبعث بشراً مثلنا، فكأنهم انفوا من الانقياد لبشر مثلهم و جهلوا أن اللّه يبعث الأنبياء علي ما يعلم من مصالح عباده و يعلم من يصلح للقيام بها و قالوا لهم ايضاً (إنا) معاشر قومنا (بِما أُرسِلتُم بِهِ) من إخلاص العبادة و التوحيد (كافرون) جاحدون، ثم فصل تعالي اخبارهم فقال (فَأَمّا عادٌ فَاستَكبَرُوا فِي الأَرضِ بِغَيرِ الحَقِّ) أي تجبروا و عتوا و تكبروا علي اللّه بغير حق جعله اللّه لهم بل للكفر المحض و الظلم الصراح (وَ قالُوا مَن أَشَدُّ مِنّا قُوَّةً) لما کان اللّه تعالي أعطاهم من فضله قوة تقوّا بها علي اهل زمانهم، فقال اللّه تعالي (او لم يروا)