الأصنام و الأوثان و وصفهم بأنهم «الَّذِينَ لا يُؤتُونَ الزَّكاةَ» و قال الحسن: معناه لا يؤتون ما يكونون به أزكياء أتقياء من الدخول في دين اللّه. و قال الفراء: الزكاة في هذا الموضع ان قريشاً كانت تطعم الحاج و تسقيهم فحرموا ذلک علي من آمن بمحمد صَلي اللّهُ عليه و آله. و قال قوم: إنما توعدهم علي ترك الزكاة الواجبة عليهم لأنهم متعبدون بجميع العبادات و يعاقبون علي تركها و هو الظاهر. و قال الزجاج: معناه و ويل للمشركين الّذين لا يؤمنون بأن الزكاة واجبة. و إنما خص الزكاة بالذكر تقريعاً لهم علي شحهم ألذي يأنف منه أهل الفضل و يتركون ما يقتضي انهم ان يعملوه عملوه لأجله. و في ذلک دعاء لهم إلي الايمان و صرف لهم عن الشرك. و کان يقال: الزكاة قنطرة الايمان فمن عبرها نجا. و قال الطبري: معناه الّذين لا يعطون اللّه الطاعة الّتي يطهرهم بها و يزكي أبدانهم، و لا يوحدونه. و قال عكرمة: هم الّذين لا يقولون: لا إله إلا اللّه. و قد بينا أن الأقوي قول من قال إن الّذين لا يؤدون زكاة أموالهم، لان هذا هو حقيقة هذه اللفظة «وَ هُم بِالآخِرَةِ هُم كافِرُونَ» معناه و هم مع ذلک يجحدون ما أخبر اللّه به من الثواب و العقاب في الآخرة.
ثم اخبر اللّه تعالي عن المؤمنين فقال «ان الّذين يؤمنون بالآخرة» أي يصدقون بأمر الآخرة من الثواب و العقاب «وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ» أي الطاعات «لَهُم أَجرٌ غَيرُ مَمنُونٍ» أي لهم جزاء علي ذلک غير مقطوع، بل هو متصل دائم، و يجوز ان يکون معناه انه لا أذي فيه من المنّ ألذي يكدر الصنيعة.
ثم امر النبي صَلي اللّهُ عليه و آله ان يقول لهم علي وجه الإنكار عليهم بلفظ الاستفهام «أَ إِنَّكُم لَتَكفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرضَ فِي يَومَينِ» أي تجحدون نعمة من خلق الإرض في يومين «وَ تَجعَلُونَ لَهُ أَنداداً» أي تجعلون له أشباها و أمثالا في استحقاق العبادة.