علمان: علم دين و علم دنيا و علم الدين أجلهما و أشرفهما لشرف النفع به. و قيل:
«فُصِّلَت آياتُهُ» بالأمر و النهي و الوعد و الوعيد و الترغيب و الترهيب.
و نصب قوله «قرآناً عربياً» علي الحال- في قول الزجاج- و تقديره فصلت آياته في حال جمعه. و وصف بأنه قرآن، لأنه جمع بعضه إلي بعض، و بأنه عربي لأنه يخالف جميع اللغات الّتي هي ليست عربية «لِقَومٍ يَعلَمُونَ» أي لمن يعلم العربية.
و قوله «بشيراً» أي مبشراً بالجنة و ثوابها «و نذيراً» أي مخوفاً من النار و عقابها.
و قوله «فَأَعرَضَ أَكثَرُهُم» اخبار منه تعالي عن الكفار أن أكثرهم يعدل عن التفكر فيه و عن سماعه «فَهُم لا يَسمَعُونَ» لعدولهم عنه. و يجوز أن يکون مع كونهم سامعين إذا لم يفكروا فيه و لم يقبلوه فكأنهم لم يسمعوه. و قال البلخي:
معناه إنهم يفعلون فعل من لا يسمعه، لأنهم مع سماعه يستثقلونه و يعرضون عن الفكر فيه.
ثم حكي ما قاله الكفار من قولهم «قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمّا تَدعُونا إِلَيهِ» قال مجاهد و السدي: معناه في أغطية و إنما قالوا ذلک ليؤيسوا النبي صلي اللّه عليه و آله من قبولهم دينه، فهو علي التمثيل، فكأنهم شبهوا قلوبهم بما يکون في غطاء فلا يصل اليه شيء مما وراءه، و فيه تحذير من مثل حالهم في کل من دعي إلي امر أن لا يمتنع ان يکون هو الحق، فلا يجوز ان يدفعه بمثل ذلک الدفع «وَ فِي آذانِنا وَقرٌ» أي ثقل عن استماع هذا القرآن «وَ مِن بَينِنا وَ بَينِكَ حِجابٌ» قيل الحجاب الخلاف ألذي يقتضي أن يکون بمعزل عنك، قال الزجاج: معناه حاجز في النحلة و الدين أي لا نوافقك في مذهب «فَاعمَل إِنَّنا عامِلُونَ» معناه فاعمل بما يقتضيه دينك، فانا عاملون بما يقتضيه ديننا، و قال الفراء: معناه فاعمل في هلاكنا، فاننا عاملون