الحال ذهب اليه قوم.
قد بينا اختلاف المفسرين في معني قوله (حم) فلا وجه لإعادته. و قيل:
في وجه الاشتراك في اسماء هذه السور السبع ب (حم) انه للمشاكلة الّتي بينها بما يختص به بما ليس لغيرها، لأنه اسم علم أجري علي الصفة الغالبة بما يصح فيه الاشتراك، و التشاكل ألذي اختصت به هو ان کل واحدة منها استفتحت بصفة الكتاب مع تقاربها في الطول و القصر و مع شدة تشاكل الكلام في النظام، و حكم الكتاب البيان عن طريق النجاة ألذي يصغر کل شيء في جنب الفائدة به من طريق الهلاك ألذي لا صبر للنفس عليه، و هو علي وجوه: منها تبيين الواجب مما ليس بواجب، و تبيين الأولي في الحكمة مما ليس بأولي، و تبيين الجائز مما ليس بجائز، و تبيين الحق في الدين من الباطل، و تبيين الدليل علي الحق مما ليس بدليل، و تبيين ما يرغب فيه مما لا يرغب فيه، و ما يحذر منه مما لا يحذر مثله. و غير ذلک من وجوه أحكامه و هي اكثر من ان تحصي.
و قوله «تَنزِيلٌ مِنَ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ» وصف الكتاب بأنه تنزيل لأن جبرائيل عليه السلام نزل به علي محمّد صَلي اللّهُ عليه و آله و في ذلک دلالة علي حدوثه، لأن التنزيل لا يکون إلا محدثاً.
و قوله «كِتابٌ فُصِّلَت آياتُهُ» اي هذا كتاب، و إنما وصف القرآن بأنه كتاب و إن کان المرجع فيه إلي كلام مسموع، لأنه مما ينبغي أن يكتب و يدوّن لأن الحافظ ربما نسيه او نسي بعضه، فيتذكر، و غير الحافظ فيتعلم منه. و قوله «فُصِّلَت آياتُهُ» معناه ميزت دلائله. و إنما وصفه بالتفصيل دون الإجمال، لان التفصيل يأتي علي وجوه البيان، لأنه تفصيل جملة عن جملة او مفرد عن مفرد، و مدار أمر البيان علي التفصيل و التمييز في ما يحتاج اليه من أمور الدين إذ العلم