خمس آيات بلا خلاف.
لما سمع سليمان ما اعتذر به الهدهد في تأخره بما قصه اللّه تعالي و ذكرناه قال عند ذلک «سَنَنظُرُ أَ صَدَقتَ أَم كُنتَ مِنَ الكاذِبِينَ» في قولك ألذي أخبرتنا به فأجازيك بحسب ذلک. و إنما لم يقل: أصدقت أم كذبت، و قال: أم كنت من الكاذبين، لأنه أليق في الخطاب، لأنه قد يکون من الكاذبين بالميل اليهم و قد يکون منهم بالقرابة الّتي بينه و بينهم. و قد يکون منهم بأن يكذب کما كذبوا و مثل ذلک في الخطاب و لينه قولهم: ليس الأمر علي ما تقول، فهو ألين من كذبت، لأنه قد يکون ليس کما تقول من جهة الغلط ألذي لا يوصف بالصدق و لا بالكذب.
ثم أمر سليمان الهدهد بأن يذهب بكتابه ألذي كتبه له و أشار اليه بقوله «هذا فَأَلقِه إِلَيهِم ثُمَّ تَوَلَّ عَنهُم فَانظُر ما ذا يَرجِعُونَ» و قيل: في الكلام تقديم و تأخير، و تقديره فالقه اليهم فانظر ما ذا يرجعون، ثم تولي عنهم، و هذا لا يحتاج اليه، لأن الكلام صحيح علي ما هو عليه من الترتيب. و المعني فألقه اليهم ثم تول عنهم قريباً منهم، فانظر ما ذا يرجعون- علي ما قال وهب بن منية و غيره- فإنهم قالوا معني «تَوَلَّ عَنهُم» استتر عنهم، و في الكلام حذف، لان تقديره فمضي الهدهد بالكتاب. و ألقاه اليهم، فلما رأته قالت لقومها «يا أَيُّهَا المَلَأُ» و هم أشراف أصحابها «إِنِّي أُلقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ» و معني كريم أنه حقيق بأن