قرأ إبن عامر و اهل الكوفة الا حفصاً و يعقوب «نزل» به بتشديد الزاي و فتحها (الروح الأمين) بالنصب فيهما، الباقون بالتخفيف و الرفع فيهما.
و قرأ إبن عامر (أ و لم تكن) بالتاء (آية) بالرفع. الباقون بالياء و نصب (آية) من شدد الزاي، فلقوله «فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلي قَلبِكَ بِإِذنِ اللّهِ»[1] (وَ إِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ العالَمِينَ) و من خفف، فلان التنزيل فعل اللّه، و هذا فعل جبرائيل، يقال: نزل اللّه جبرائيل، و نزل جبرائيل. فاما قوله (فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلي قَلبِكَ بِإِذنِ اللّهِ مُصَدِّقاً) بالتشديد، فلأجل حذف الباء، لأنك تقول نزلت به و أنزلته. و من شدد فانه أضاف الفعل الي اللّه.
و من خفف أضاف الفعل الي جبرائيل (ع) و من قرأ (أو لم تكن) بالتاء و رفع (آية) جعلها اسم (کان) و خبره (أن يعلمه) لأن (ان) مع الفعل بمنزلة المصدر، و تقديره: أو لم تكن لهم آية معجزة و دلالة ظاهرة علم بني إسرائيل بمحمد في الكتب. يعني كتب الأنبياء (ع) قبله أنه نبي، و أن هذا القرآن من عند اللّه، لكنه لما جاءهم ما عرفوه علي بصيرة كفروا به. و من قرأ بالياء و نصب (آية) جعلها خبر (کان) و اسمه (أن يعلمه) و هو الأقوي في العربية، لان (آية) نكرة، و (أن يعلمه) معرفة، و إذا اجتمعت معرفة و نكرة اختير أن يکون المعرفة اسم (کان) و النكرة خبرها، و سيبويه لا يجيز غير ذلک إلا في ضرورة الشعر كقول حسان:
كأن سبيئة من بيت رأس يکون مزاجها عسل و ماء[2]
من بيت رأس معناه من بيت رئيس، فسمي السيد رأساً، قال عمرو إبن كلثوم.