إلي الغي، و الغي نقيض الرشد، و أصله الخيبة من قول الشاعر:
فمن يلق خيراً يحمد النّاس أمره و من يغو لا يعدم علي الغي لائما[1]
و يکون (أغوي) بمعني خيب، و منه قوله «رَبِّ بِما أَغوَيتَنِي»[2] أي خيبتني.
ثم اخبر تعالي انهم في ذلک اليوم مشتركون في العذاب، و معني اشتراكهم اجتماعهم في العذاب ألذي هو يجمعهم.
ثم اخبر تعالي فقال إن مثل فعلنا بهؤلاء نفعل بجميع المجرمين، و بين أنه إنما فعل بهم ذلک، لأنهم «كانُوا إِذا قِيلَ (لَهُم) لا إِلهَ» معبود يستحق العبادة «إِلَّا اللّهُ يَستَكبِرُونَ» عن قبول ذلک، و طلبوا التكبر، و هذه لفظة ذم من حيث استكبروا عن قول الحق. و حكي ما كانوا يقولون إذا دعوا إلي عبادة اللّه وحده فإنهم كانوا «يَقُولُونَ أَ إِنّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا» و معني ذلک إنا نترك عبادة آلهتنا «لِشاعِرٍ مَجنُونٍ» يدعونا إلي خلافه، يعنون بذلك النبي صلي اللّه عليه و آله يرمونه بالجنون تارة و بالشعر أخري- و هو قول الحسن و قتادة- لفرط جهلهم حتي قالوا هذا القول الفاحش ألذي يفضح قائله، لأن المعلوم انه صلي اللّه عليه و آله کان بخلاف هذا الوصف، و الجنون آفة تغطي علي العقل حتي يظهر التخليط في فعله، و أصله تغطية الشيء: جن عليه الليل إذا غطاه، و منه المجن لأنه يستر صاحبه، و منه الجنان الروح، لأنها مستورة بالبدن، و منه الجنة لأنها تحت الشجر.
ثم اخبر تعالي تكذيباً لهم بأن قال ليس الأمر علي ما قالوه «بل»