قرأ حمزة و الكسائي و ابو عمرو (التناؤش) بالهمز. الباقون بغير همز.
يقول اللّه تعالي لنبيه صلي اللّه عليه و آله (و لو تري) يا محمّد (إذ فزعوا) من العذاب يوم القيامة (فلا فوت) أي لا مهرب و لا يفوتونه. فالفوت خروج وقت الشيء كفوت الصلاة، و فوت وقت التوبة و فوت عمل اليوم بانقضائه.
و الفزع و الجزع و الخوف و الرعب واحد. و الفزع يتعاظم في الشدة بحسب أسبابه و قوله (وَ أُخِذُوا مِن مَكانٍ قَرِيبٍ) قال إبن عباس و الضحاك: أخذوا من عذاب الدنيا. و قال الحسن: حين يخرجون من قبورهم. و قيل: من بطن الإرض الي ظهرها. و المعني انهم إذا بعثوا من قبورهم، و لو تري فزعهم يا محمّد حين لا فوت و لا ملجأ. و جواب (لو) محذوف، و التقدير لرأيت ما تعتبر به عبرة عظيمة. و قوله (وَ قالُوا آمَنّا بِهِ) أي يقولون ذلک الوقت آمنا به و صدقنا به. فقال تعالي (وَ أَنّي لَهُمُ التَّناوُشُ مِن مَكانٍ بَعِيدٍ) قيل: معناه بفوتهم تناول التوبة في الآخرة الي الدنيا، و التناوش التناول من قولهم نشته أنوشه إذا تناولته من قريب، قال الشاعر:
فهي تنوش الحوض نوشاً من علا نوشا به تقطع أجواز الفلا[1]
و تناوش القوم إذا دنا بعضهم الي بعض، و لم يلتحم ببنهم قتال، و قد همز بعضهم، فيجوز أن يکون من هذا، لأن الواو إذا انضمت همزت كقوله (أقتت)[2] و يجوز أن يکون من النش و هو الإبطاء، و انتاشه أخذ به من مكان بعيد، و مثله نأشه قال الشاعر:
تمني نئيشاً أن يکون اطاعني و قد حدثت بعد الأمور امور[3]