responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 8  صفحة : 38

كذا ‌ أي ‌ قدر.

‌ثم‌ اخبر ‌تعالي‌ أنهم‌ يتمنون‌ فيقولون‌ «فَلَو أَن‌َّ لَنا كَرَّةً» ‌ أي ‌ رجعة ‌الي‌ دار التكليف‌ «فَنَكُون‌َ مِن‌َ المُؤمِنِين‌َ» و انما جاز التمني‌ ب (‌لو‌)، لأنه‌ للتقدير، ‌کما‌ ‌أن‌ التمني‌ ب (ليت‌) مثل‌ ‌ذلک‌ لتقدير المعني‌، ‌إلا‌ ‌أن‌ التقدير ب (‌لو‌) لموجب‌ غيره‌ و التقدير ب (ليت‌) للامتناع‌ بالمقدر، و انما جاز جواب‌ التمني‌، لان‌ المعني‌ متصور بالتمني‌ ‌غير‌ انه‌ ‌إذا‌ ‌کان‌ بالفاء، فهو نصب‌، فلذلك‌ نصب‌ (فنكون‌) لأن‌ الفاء ‌إذا‌ صرفت‌ ‌عن‌ العطف‌ أضمر معها (‌ان‌) للاشعار بالصرف‌.

‌ثم‌ ‌قال‌ ‌تعالي‌ «إِن‌َّ فِي‌ ذلِك‌َ لَآيَةً» ‌ أي ‌ ‌ان‌ فيما قصصناه‌، و ذكرناه‌ لدلالة لمن‌ نظر ‌فيها‌ و اعتبر بها، لكن‌ أكثرهم‌ ‌لا‌ يعتبرون‌ بها، و ‌لا‌ يؤمنون‌ بها، و أخبر «إِن‌َّ رَبَّك‌َ» ‌ يا ‌ ‌محمّد‌ «لَهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيم‌ُ» و إنما جمع‌ ‌بين‌ الصفتين‌: العزيز و الرحيم‌، ليرغب‌ ‌في‌ طلب‌ ‌ما عند اللّه‌ أتم‌ الترغيب‌ ‌من‌ حيث‌ ‌هو‌ عظيم‌ الرحمة واسع‌ المقدور، منيع‌ ‌من‌ معاجزة غيره‌. و ‌قيل‌ ‌في‌ وجه‌ اخبارهم‌ بأنهم‌ يكونون‌ مؤمنين‌ ‌لو‌ ردوا ‌إلي‌ دار التكليف‌ قولان‌:

أحدهما‌-‌ انهم‌ يخبرون‌ ‌عن‌ عزمهم‌، لان‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ ‌قد‌ أخبر عنهم‌ أنهم‌ «لَو رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنه‌ُ»[1] و ‌لا‌ يجوز‌-‌ ‌ان‌ يكونوا ‌مع‌ رفع‌ التكليف‌ و كمال‌ عقولهم‌ و حصول‌ المعارف‌ الضرورية‌-‌ ‌ان‌ يكذبوا، لأنهم‌ ملجؤون‌ ‌الي‌ ترك‌ القبيح‌ بأن‌ يخلق‌ اللّه‌ فيهم‌ العلم‌ الضروري‌، انهم‌ ‌لو‌ راموا القبيح‌ لمنعوا ‌من‌ ‌ذلک‌، و ‌لو‌ ‌لا‌ ‌ذلک‌ لكانوا مغزين‌ بالقبيح‌ و ‌ذلک‌ ‌لا‌ يجوز.

و الثاني‌-‌ ‌ان‌ ‌يکون‌ ‌ذلک‌ القول‌ منهم‌ قبل‌ دخولهم‌ النار، و قبل‌ ‌ان‌ يصيروا ملجئين‌. و الاول‌ أقوي‌،


[1] ‌سورة‌ 6 الانعام‌ آية 28.
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 8  صفحة : 38
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست