فمن يلق خيراً يحمد النّاس أمره و من يغو لا يعدم علي الغيّ لائماً[1]
ثم اخبر أنه يقال لهم، يعني للغاوين علي وجه التوبيخ لهم و التقريع «أَينَ ما كُنتُم تَعبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ» و إنما وبخوا بلفظ الاستفهام، لأنه لا جواب لهم عن ذلک إلا بما فيه فضيحتهم، كقولك أينما كنت تعبد من دون اللّه!؟ لا يخلصك من عقابه «هَل يَنصُرُونَكُم» و يدفعون عنكم العقاب في هذا اليوم «أَو يَنتَصِرُونَ» لكم إذا عوقبتم؟، فمن عبدها، فهو الغاوي في عبادته، لا يملك رفع الضرر عن نفسه، و لا عن عابده مع أنه لاحق به. ثم قال «فَكُبكِبُوا فِيها» و معناه كبوا إلا انه ضوعف، کما قال «بِرِيحٍ صَرصَرٍ»[2] أي صر. و قيل: جمعوا بطرح بعضهم علي بعض- عن إبن عباس- و قال مجاهد: هووا «هُم وَ الغاوُونَ» أي و كب الغاوون معهم، و كب معهم «جُنُودُ إِبلِيسَ» أي من اتبعه من ولده، و ولد آدم.
و قال ابو عبيدة (كبكبوا) معناه طرحوا فيها بعضهم علي بعض جماعة جماعة.
و قال المبرد: نكسوا فيها من قولهم: كبه اللّه لوجهه.
قالُوا وَ هُم فِيها يَختَصِمُونَ (96) تَاللّهِ إِن كُنّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (97) إِذ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ العالَمِينَ (98) وَ ما أَضَلَّنا إِلاَّ المُجرِمُونَ (99) فَما لَنا مِن شافِعِينَ (100)
وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (101) فَلَو أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ المُؤمِنِينَ (102) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَ ما كانَ أَكثَرُهُم مُؤمِنِينَ (103) وَ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمُ (104)