تعالي من فعل ابراهيم في قوله «إِلّا قَولَ إِبراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَستَغفِرَنَّ لَكَ» بعد قوله «قَد كانَت لَكُم أُسوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبراهِيمَ وَ الَّذِينَ مَعَهُ»[1]. و ليس الأمر علي ما قاله. و نحن نبين الوجه في هذه الآية إذا انتهينا اليها إن شاء اللّه. و عند أصحابنا ان أباه ألذي استغفر له، کان جده لأمه، لان آباء النبي (ص) الي آدم كلهم مؤمنون موحدون- بأدلة ليس هذا موضع ذكرها، و الدلالة عليها.
وَ أُزلِفَتِ الجَنَّةُ لِلمُتَّقِينَ (90) وَ بُرِّزَتِ الجَحِيمُ لِلغاوِينَ (91) وَ قِيلَ لَهُم أَينَ ما كُنتُم تَعبُدُونَ (92) مِن دُونِ اللّهِ هَل يَنصُرُونَكُم أَو يَنتَصِرُونَ (93) فَكُبكِبُوا فِيها هُم وَ الغاوُونَ (94)
وَ جُنُودُ إِبلِيسَ أَجمَعُونَ (95)
ست آيات.
معني «وَ أُزلِفَتِ الجَنَّةُ لِلمُتَّقِينَ» قربت لهم ليدخلوها «وَ بُرِّزَتِ الجَحِيمُ لِلغاوِينَ» أي أظهرت الجحيم للعاملين بالغواية و تركهم الرشاد، يقال: برز يبرز بروزاً، و أبرزه إبرازاً، و برزه تبريزاً، و بارزه مبارزة، و تبارزا تبارزاً. و في رؤية الإنسان آلات العذاب الّتي أعدت لهم عذاب عظيم، و ألم جسيم للقلب فبروز الجحيم للغاوين بهذه الصفة، و (الغاوي) العامل بما يوجب الخيبة من الثواب: غوي الرجل يغوي غياً و غواية و أغواه غيره إغواء، و استغواه استغواه و أصله الخيبة قال الشاعر: