اللّه لا تحصي. ثم حكي عن الكفار فقال (وَ قالُوا أَ إِذا ضَلَلنا فِي الأَرضِ) و فيه لغتان فتح اللام و كسرها، و کل شيء غلب عليه غيره حتي يغيب فيه، فقد ضل فيه، قال الأخطل:
كنت القذي في موج اكدر مزيد قذف الأتي به فضل ضلالا[1]
و قال مجاهد و قتادة: معني (ضللنا) هلكنا. و قال ابو عبيدة: همدنا فلم يوجد لهم دم و لا لحم (أَ إِنّا لَفِي خَلقٍ جَدِيدٍ) حكاية عن تعجبهم و قولهم كيف تخلق خلقاً جديداً، و قد هلكنا و تمزقت أجسامنا. ثم قال (بل) هؤلاء الكفار (بِلِقاءِ رَبِّهِم) بالعذاب و العقاب (كافرون) أي جاحدون، فلذلك قالوا: أ إذا ضللنا في الإرض أئنا لفي خلق جديد، جعل (إذا) منصوبة ب (ضللنا) و تكون في معني الشرط، و لا توصل إلا بذكر الفاء بعدها، لأن (إذا) قد وليها الفعل الماضي و لا يجوز أن تنصب (إذا) بما بعدها إذ لا خلاف بين النحويين فيه. و قرأ الحسن (صللنا) بالصاد غير منقوطة. و معناه احد شيئين: أحدهما- انتنا و تغيرنا و تغيرت صورنا، يقال صل اللحم، و أصل إذا أنتن، و الثاني- صللنا صرنا من جنس الصلة و هي الإرض اليابسة.
قُل يَتَوَفّاكُم مَلَكُ المَوتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُم ثُمَّ إِلي رَبِّكُم تُرجَعُونَ (11) وَ لَو تَري إِذِ المُجرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِم عِندَ رَبِّهِم رَبَّنا أَبصَرنا وَ سَمِعنا فَارجِعنا نَعمَل صالِحاً إِنّا مُوقِنُونَ (12) وَ لَو شِئنا لَآتَينا كُلَّ نَفسٍ هُداها وَ لكِن حَقَّ القَولُ مِنِّي لَأَملَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَ النّاسِ أَجمَعِينَ (13) فَذُوقُوا بِما نَسِيتُم لِقاءَ يَومِكُم هذا إِنّا نَسِيناكُم وَ ذُوقُوا عَذابَ الخُلدِ بِما كُنتُم تَعمَلُونَ (14) إِنَّما يُؤمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَ سَبَّحُوا بِحَمدِ رَبِّهِم وَ هُم لا يَستَكبِرُونَ (15)