الباقية من عصب كثيرة، و شرذمة کل شيء بقيته القليلة، و منه قول الراجز:
جاء الشتاء و قميصي اخلاق شراذم يضحك منه التواق[1]
و قال عبد اللّه بن مسعود: الشرذمة الّذين قللهم فرعون من بني إسرائيل كانوا ستمائة ألف و سبعين ألفاً، و انما استقلهم، لأنه کان علي مقدمته سبعة آلاف الف علي ما قال بعض المفسرين. ثم قال «و انهم» مع قلتهم «لَنا لَغائِظُونَ» أي يغيظوننا بمخالفتهم إيانا، و يقال: جمع قليل و قليلون، کما يقال حي واحد، و واحدون.
ثم اخبر تعالي عن فرعون أنه قال لجنده «إِنّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ» منهم قد استعددنا لقتالهم.
ثم اخبر تعالي عن كيفية إهلاكهم بأن قال «فَأَخرَجناهُم» يعني فرعون و قومه «مِن جَنّاتٍ» و هي البساتين الّتي تجنها الأشجار «وَ عُيُونٍ» جارية فيها «وَ كُنُوزٍ» يعني اموال لهم مخبئة بعضها علي بعض في مواضع غامضة من الإرض و منه كناز التمر و غيره مما يعبأ بعضه علي بعض «وَ مَقامٍ كَرِيمٍ» فالمقام الموضع ألذي يقيمون فيه. و يجوز أن يکون مصدراً و «الكريم» هو الحقيق بإعطاء الخير الجزيل، لأنه اهل للكرم، و هي صفة تعظيم في المدح: كرم كرماً و أكرمه إكراماً، و تكرّم تكرماً. و قيل: المقام الكريم المنابر. و قيل مجالس الامراء و الرؤساء: الّتي کان يحف بها الاتباع.
ثم قال تعالي «كَذلِكَ» أي مثل ذلک أي کما وصفنا لك اخبارهم «وَ أَورَثناها بَنِي إِسرائِيلَ» أي نعم آل فرعون بأن أهلكنا آل فرعون و ملكنا ديارهم و املاكهم