استحقاق العبادة، و انه لا يجوز أن يستغني عنه بغيره، فمن أشرك في عبادته فما عظمه حق تعظيمه، فهذا قد قبح فيما أتي وضيع حق نعمه.
ثم قال تعالي لنبيه صلي اللّه عليه و آله «وَ رَبُّكَ يا محمّد يَعلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُم وَ ما يُعلِنُونَ» أي عالم بما يخفونه و ما يظهرونه، يقال: أكننت الشيء في صدري أي أخفيته و (كننته) بغير ألف صنته. و قيل: كننت الشيء و أكننته لغتان.
ثم اخبر تعالي انه الإله ألذي لا إله سواه، و لا يستحق العبادة غيره في جميع السموات و الإرض، و انه يستحق الثناء و الحمد و المدح و التعظيم، علي ما أنعم به علي خلقه في الدنيا و الاخرة «وَ لَهُ الحُكمُ» بينهم بالفصل بين المختلفين بما يميز به الحق من الباطل. و ان جميع الخلق يرجعون اليه يوم القيامة ألذي لا يملك احد الحكم غيره. و قيل قوله «وَ رَبُّكَ يَخلُقُ ما يَشاءُ وَ يَختارُ» ذلک في الوليد بن المغيرة حين قال «لَو لا نُزِّلَ هذَا القُرآنُ عَلي رَجُلٍ مِنَ القَريَتَينِ عَظِيمٍ»[1] فبين اللّه تعالي أن له أن يختار ما يشاء لنبوته و رسالته بحسب ما يعلم من يصلح لها.
قُل أَ رَأَيتُم إِن جَعَلَ اللّهُ عَلَيكُمُ اللَّيلَ سَرمَداً إِلي يَومِ القِيامَةِ مَن إِلهٌ غَيرُ اللّهِ يَأتِيكُم بِضِياءٍ أَ فَلا تَسمَعُونَ (71) قُل أَ رَأَيتُم إِن جَعَلَ اللّهُ عَلَيكُمُ النَّهارَ سَرمَداً إِلي يَومِ القِيامَةِ مَن إِلهٌ غَيرُ اللّهِ يَأتِيكُم بِلَيلٍ تَسكُنُونَ فِيهِ أَ فَلا تُبصِرُونَ (72) وَ مِن رَحمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيلَ وَ النَّهارَ لِتَسكُنُوا فِيهِ وَ لِتَبتَغُوا مِن فَضلِهِ وَ لَعَلَّكُم تَشكُرُونَ (73) وَ يَومَ يُنادِيهِم فَيَقُولُ أَينَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنتُم تَزعُمُونَ (74) وَ نَزَعنا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلنا هاتُوا بُرهانَكُم فَعَلِمُوا أَنَّ الحَقَّ لِلّهِ وَ ضَلَّ عَنهُم ما كانُوا يَفتَرُونَ (75)