عنه، و لا يسأل بعضهم بعضاً عنه، لانقطاعهم عن الحجة، و لا ينافي قوله «فَهُم لا يَتَساءَلُونَ» قوله في موضع آخر «وَ أَقبَلَ بَعضُهُم عَلي بَعضٍ يَتَساءَلُونَ»[1] لان يوم القيامة مواطن يختلف فيها حالهم، فمرة تطبق عليهم الحيرة، فلا يتساءلون، و مرة يفيقون فيتساءلون. و قال الحسن: لا يسأل بعضهم بعضاً أن يحمل عنه شيئاً کما كانوا في الدنيا.
ثم اخبر تعالي «فَأَمّا مَن تابَ» من المعاصي و رجع عنها الي الطاعات، و أضاف الي ذلک الاعمال الصالحات «فَعَسي أَن يَكُونَ مِنَ المُفلِحِينَ» و انما أدخل (عسي) في اللفظ مع انه مقطوع بفلاحه، لأنه علي رجاء أن يدوم علي ذلک، فيفلح، و قد يجوز أن يزول فيما بعد، فيهلك، فلهذا قال «فعسي» علي انه قيل: إن عسي من اللّه في جميع القرآن واجبة.
ثم اخبر تعالي فقال «وَ رَبُّكَ» يا محمّد «يَخلُقُ ما يَشاءُ وَ يَختارُ ما كانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ» قيل في معناه قولان:
أحدهما- يختار ألذي کان لهم فيه الخيرة، فدل بذلك علي شرف اختياره لهم.
الثاني- أن تكون (ما) نفياً أي لم يكن لهم الخيرة علي اللّه بل للّه الخيرة عليهم، لأنه مالك حكيم في تدبيرهم، فيكون علي هذا الوجه الوقف علي قوله «و يختار» و هو ألذي اختاره الزجاج. و قال الحسن: معناه «ما کان لهم الخيرة» اي أن يختاروا الأنبياء، فيبعثوهم. و قال مجاهد «لا يتساءلون» بالأنساب و القرابات. و قيل «لا يتساءلون» بما فيه حجج لهم، و قوله «سُبحانَهُ وَ تَعالي عَمّا يُشرِكُونَ» معناه ما عظم اللّه حق عظمته من أشرك في عبادته، لأن من تعظيمه اخلاص الالهية له، و انه الواحد فيما تفرد به علي