بالأمس إلا أن تكون جباراً متكبراً في الإرض «وَ ما تُرِيدُ» اي و لست تريد «أَن تَكُونَ مِنَ» جملة «المُصلِحِينَ».
و قوله «وَ جاءَ رَجُلٌ مِن أَقصَي المَدِينَةِ يَسعي» قيل هو مؤمن آل فرعون «قالَ يا مُوسي إِنَّ المَلَأَ يَأتَمِرُونَ بِكَ لِيَقتُلُوكَ» أي يأمر بعضهم بعضاً بقتلك.
و قيل: يأتمرون معناه يرتاءون، قال نمر بن تولب:
أري النّاس قد أحدثوا شيمة و في کل حادثه يؤتمر[1]
أي يرتاء، و قال آخر:
ما تأتمر فينا فأم رك في يمينك أو شمالك
فقوله «فَاخرُج إِنِّي لَكَ مِنَ النّاصِحِينَ» حكاية ما قال الرجل لموسي، و انه ناصح له بقوله، يحذره من أعدائه. و قال الزجاج: و قوله «اني لك» ليست من صلة «الناصحين» لان الصلة لا تقدم علي الموصول، لكن تقديره: إني من الناصحين الّذين ينصحون لك، يقال: نصحت لك و نصحتك، و الاول اكثر.
فَخَرَجَ مِنها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ القَومِ الظّالِمِينَ (21) وَ لَمّا تَوَجَّهَ تِلقاءَ مَديَنَ قالَ عَسي رَبِّي أَن يَهدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ (22) وَ لَمّا وَرَدَ ماءَ مَديَنَ وَجَدَ عَلَيهِ أُمَّةً مِنَ النّاسِ يَسقُونَ وَ وَجَدَ مِن دُونِهِمُ امرَأَتَينِ تَذُودانِ قالَ ما خَطبُكُما قالَتا لا نَسقِي حَتّي يُصدِرَ الرِّعاءُ وَ أَبُونا شَيخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقي لَهُما ثُمَّ تَوَلّي إِلَي الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنزَلتَ إِلَيَّ مِن خَيرٍ فَقِيرٌ (24) فَجاءَتهُ إِحداهُما تَمشِي عَلَي استِحياءٍ قالَت إِنَّ أَبِي يَدعُوكَ لِيَجزِيَكَ أَجرَ ما سَقَيتَ لَنا فَلَمّا جاءَهُ وَ قَصَّ عَلَيهِ القَصَصَ قالَ لا تَخَف نَجَوتَ مِنَ القَومِ الظّالِمِينَ (25)