و قوله «قالَ رَبِّ بِما أَنعَمتَ عَلَيَّ فَلَن أَكُونَ ظَهِيراً لِلمُجرِمِينَ» معناه إن أنعمت علي فلن أكون، فهو مشبه بجواب الجزاء، و لذلك دخلت الفاء في الجواب، و إذا وقع الانعام قيل لما أنعمت، فلن أكون، لأنها في كلا الموضعين تدل علي أن الثاني وقع من أجل الاول. و يحتمل أن يکون ذلک قسماً من موسي بنعم اللّه عليه، بمغفرته، و فنون نعمه بأن لا يکون معيناً علي خطيئة، و لا يکون ظهيراً. و الظهير المعين لغيره بما به يصير كالظهر له ألذي يحميه من عدوه.
و قوله «فَأَصبَحَ فِي المَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ» معناه إن موسي أصبح خائفاً من قتل القبطي، يترقب الأخبار- في قول إبن عباس- و الترقب التوقع.
و قوله «فَإِذَا الَّذِي استَنصَرَهُ بِالأَمسِ يَستَصرِخُهُ» يعني رأي من کان استنصره بالأمس، بأن طلب نصرته علي عدوه «يستصرخه» أي يطلب نصرته أيضاً.
و قيل: يطلب الصراخ علي العدو بما يردعه عن الإيقاع بمن قد تعرض له «قالَ لَهُ مُوسي إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ» أي عادل عن الرشد، ظاهر الغواية، و معناه انك لغوي في قتالك من لا تطيق دفع شره عنك، من أصحاب فرعون، خائب فيما تقدر أن تفعله.
و قوله «فَلَمّا أَن أَرادَ أَن يَبطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما» قيل: إن موسي هم أن يدفع العدو عن نفسه و عن صاحبه، و يبطش به «قالَ يا مُوسي أَ تُرِيدُ أَن تَقتُلَنِي كَما قَتَلتَ نَفساً بِالأَمسِ» قال الحسن: هو من قول الفرعوني، لأنه کان قد اشتهر أمر القتل بالأمس أنه قتله بعض بني إسرائيل. و قال إبن عباس و اكثر اهل العلم انه من قول الإسرائيلي، لأنه قال له موسي انك لغوي مبين، خاف علي نفسه فظن أنه يريد الإيقاع به، فقال ما قال. و قوله «إِن تُرِيدُ إِلّا أَن تَكُونَ جَبّاراً فِي الأَرضِ» اي لست تريد بقتل من قتلته