الا الألفين الّتي لك عندي، أي سوي الألفين و مثله قوله «وَ لا تَنكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُم مِنَ النِّساءِ إِلّا ما قَد سَلَفَ»[1] أي سوي ما قد سلف، لأن قوله «وَ لا تَنكِحُوا» مستقبل «و إِلّا ما شاءَ رَبُّكَ» ماض، و المعني علي هذا «خالِدِينَ فِيها» مقدار دوام السموات و الإرض سوي «ما شاءَ رَبُّكَ» من الخلود و الزيادة.
و خامسها- ما قال الفراء: إن (الا) بمعني الواو کما قال الشاعر:
و کل أخ مفارقه أخوه لعمر أبيك الا الفرقدان[2]
و علي هذا لو قال القائل لك عندي ألف الا ألفين لزمه ثلاثة آلاف درهم، لأنه استثناء الزائد من الناقص، فكأنه قال الا ألفين منفردين. و لو قال ما لك عندي الف الا ألفين فإنما أقر بألفين كأنه قال ما لك عندي سوي ألفين. و لو قال لك عندي ألف الا ألفان بالرفع أقر بألف فقط، لأنها صفة مثبتة، كأنه قال الف لا الفان.
و سادسها- أن ذلک تعليق لما لا يکون بما لا يکون، كأنه قال «إِلّا ما شاءَ رَبُّكَ» و هو لا يشاء ان يخرجهم منها و تكون الفائدة أن لو شاء أن يخرجهم لقدر، و لكنه قد أعلمنا انهم خالدون أبداً.
و سابعها- ذكره الزجاج: ان الاستثناء وقع علي أن لهم زفيراً و شهيقاً إلا ما شاء ربك من أنواع العذاب الّتي لم يذكرها.
و ثامنها- ذكره البلخي: ان المراد بذلك الا ما شاء ربك من وقت نزول الآية الي دخولهم النار، و لو لا هذا الاستثناء لوجب ان يكونوا في النار من وقت نزول الآية أو من يوم يموتون.
فان قيل كيف يستثني من الخلود فيها ما قبل الدخول فيها!؟ قلنا: يجوز ذلک إذا کان الاخبار به قبل دخولهم.