و قوله «فَمِنهُم شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ» اخبار منه تعالي بأنهم ينقسمون قسمين منهم الأشقياء، و هم المستحقون للعقاب، و منهم السعداء و هم المستحقون للثواب.
و الشقاء قوة أسباب البلاء، و الشقي من شقي بسوء عمله في معاصي اللّه، و السعيد من سعد بحسن عمله في طاعة اللّه، و انما وصف الأجل بأنه معدود، لأنه متناه منقض، لان کل معدود قد وجد عدده، لا يکون ذلک الا متناهياً.
فان قيل كيف قال- هاهنا- «يَومَ يَأتِ لا تَكَلَّمُ نَفسٌ إِلّا بِإِذنِهِ» و قال في موضع آخر «هذا يَومُ لا يَنطِقُونَ. وَ لا يُؤذَنُ لَهُم فَيَعتَذِرُونَ»[2] و قال في موضع آخر «يَومَ تَأتِي كُلُّ نَفسٍ تُجادِلُ عَن نَفسِها»[3] و قال «وَ قِفُوهُم إِنَّهُم مَسؤُلُونَ»[4] و قال في موضع آخر «فَيَومَئِذٍ لا يُسئَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَ لا جَانٌّ»[5] و هل هذا إلا ظاهر التناقض!؟.
قلنا: لا تناقض في ذلک لان معني قوله «وَ قِفُوهُم إِنَّهُم مَسؤُلُونَ» انهم يسألون سؤال توبيخ و تقرير و تقريع، لإيجاب الحجة عليهم لا سؤال استفهام، لأنه تعالي