الوصل دون الوقف، إلا إبن كثير، فانه أثبت الياء في الحالين.
قال أبو علي: من أثبت الياء في الوصل، فهو القياس البين، لأنه لا شيء- هاهنا- يوجب حذف الياء في الوصل، و من حذفها في الوقف شبهها بالفاصلة، و ان لم يكن فاصلة، لأن هذه الياء تشبه الحركات المحذوفة بدلالة انهم قد حذفوها کما حذفوا الحركة، فكما ان الحركة تحذف في الوقف، فكذلك ما يشبهها من هذه الحروف، فكان في حكمها، و من أثبتها في الحالين فقد أحسن، لأنها أكثر من الحركة في الصوت، فلا ينبغي إذا حذفت الحركة للوقف ان تحذف الياء له، کما لا تحذف سائر الحروف، و من حذف الياء في الحالين جعلها في الحالين بمنزلة ما يستعمل محذوفاً مما لم يكن ينبغي في القياس ان يحذف نحو (لم يك، و لا أدر) و هي لغة هذيل، قال الشاعر:
كفاك كفاً لا تليق درهماً جواداً و أخري تعط بالسيف الدما[1]
فحذف الياء في تعط، و ليس هذا ما يوجب حذفها.
و الضمير في قوله «وَ ما نُؤَخِّرُهُ» عائد علي قوله «يَومٌ مَشهُودٌ» و هو يوم الجزاء. و معناه الاخبار بأنه تعالي ليس يؤخر يوم الجزاء إلا ليستوفي الأجل المضروب لوقوع الجزاء فيه. و انما قال «لأجل» و لم يقل الي اجل، لان قوله «لأجل» يدل علي الغرض، و ان الحكمة اقتضت تأخيره. و لو قال الي اجل لما دل علي ذلک. و قوله «يَومَ يَأتِ» يعني يوم القيامة ألذي تقدم ذكره بأنه مشهود. و الضمير في (يأتي) حين الجزاء، لأنه قد تقدم الدليل عليه في قوله «يوم مشهود» و احسن الإضمار ما يدلّ الكلام عليه، و انما أضاف (يوم) الي الفعل، لأنه اسم زمان فناسب الفعل للزمان من حيث انه لا يخلو منه، و انه يتصرف بتصرفه. و انه لا يکون حادثاً الا وقتاً، کما ان الزمان لا يبقي.
و معني قوله «لا تَكَلَّمُ نَفسٌ إِلّا بِإِذنِهِ» أي لا تتكلم فحذف أحدي التائين