ثلاث آيات بلا خلاف.
الألف في «أ فأصفاكم» ألف استفهام، و المراد بها الإنكار لأنه لا جواب لمن سئل إلا بما فيه أعظم الفضيحة، و في ذلک تعليم سؤال المخالفين للحق، و هذا خطاب لمن جعل للّه بنات، و قال الملائكة بنات اللّه، فقال اللّه تعالي لهم:
أ أخلص لكم البنين و اختار لكم صفوة الشيء دونه! و جعل البنات مشتركة بينكم و بينه، فاختصكم بالأرفع و جعل لنفسه الا دون!؟؟ ثم أخبر أنهم يقولون في ذلک «قولا عظيما» أي عظيم الوبال و الوزر.
و قوله «لَقَد صَرَّفنا فِي هذَا القُرآنِ لِيَذَّكَّرُوا» و قرأ حمزة و الكسائي في جميع القرآن خفيفاً، من ذكر يذكر. و الباقون بالتشديد في جميع القرآن بمعني ليتذكروا، فأدغموا التاء في الذال. و في ذلک دلالة علي بطلان مذهب المجبرة لأنه أراد التصريف في القرآن، ليذكر المشركون ما يردهم إلي الحق، و هذا مما علقت الارادة الفعل فيه بالمعني من التذكر. و لولاها لم يتعلق. ثم اخبر انه و ان أراد منهم الإيمان و الهداية بتصريف القرآن لا يزدادون هم إلا نفورا عنه.
فان قيل كيف يجوز أن يفعل تعالي ما يزدادون عنده الكفر! و هل ذلک الا استفساد و منع اللطف!؟ قلنا: ليس في ذلک منع اللطف، بل فيه إظهار الدلائل، مما لا يصح التكليف إلّا معه و لو لم تظهر الدلائل، لازدادوا فسادا بأعظم من هذا الفساد، و في إظهار الدلائل صلاح حاصل لمن نظر فيها و أحسن التدبر لها. و إنما جاز أن يزدادوا بما يؤنس من الدلائل نفوراً، باعتقادهم أنها حيل و شبه، فنفروا منها أشد النفور لهذا الاعتقاد الفاسد، و منعهم ذلک من التدبر لها و ادراك منزلتها في عظم الفائدة، و جلالة المنزلة.