responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 6  صفحة : 479

و ‌قوله‌ «وَ لا تَمش‌ِ فِي‌ الأَرض‌ِ مَرَحاً» نهي‌ للنبي‌ صلّي‌ اللّه‌ ‌عليه‌ و ‌سلّم‌ و المراد ‌به‌ الأمّة ‌أن‌ يمشوا ‌في‌ ‌الإرض‌ مرحين‌.

و ‌قيل‌ ‌في‌ معني‌ المرح‌ أربعة أقوال‌: أولها‌-‌ انه‌ البطر و الأشر. و الثاني‌-‌ التبختر ‌في‌ المشي‌ و التكبر. الثالث‌-‌ تجاوز الإنسان‌ قدره‌ مستخفاً بالواجب‌ ‌عليه‌ و الرابع‌-‌ شدة الفرح‌ بالباطل‌.

و ‌قوله‌ «إِنَّك‌َ لَن‌ تَخرِق‌َ الأَرض‌َ» مثل‌ ضربه‌ اللّه‌ بأنك‌ ‌ يا ‌ إنسان‌ لن‌ تخرق‌ ‌الإرض‌ ‌من‌ تحت‌ قدمك‌ بكبرك‌ «وَ لَن‌ تَبلُغ‌َ الجِبال‌َ» بتطاولك‌. و المعني‌ انك‌ لن‌ تبلغ‌ ‌بما‌ تريد كثير مبلغ‌، ‌کما‌ ‌لا‌ يمكنك‌ ‌ان‌ تبلغ‌ ‌هذا‌، فما وجه‌ المكابرة ‌علي‌ ‌ما ‌هذه‌ سبيله‌ ‌مع‌ زجر الحكمة عنه‌. و أصل‌ الخرق‌ القطع‌، خرّق‌ الثوب‌ تخريقا ‌ أي ‌ قطعة و رجل‌ خرق‌ ‌ أي ‌ يقطع‌ الأمور ‌الّتي‌ ‌لا‌ ينبغي‌ ‌ان‌ يقطعها. و الخرق‌ الفلاة، لانقطاع‌ أطرافها بتباعدها ‌قال‌ رؤبة:

و قائم‌ الاعماق‌ خاو المخترق‌        مشتبه‌ الاعلام‌ لماع‌ الخفق‌[1]

‌ أي ‌ خاو المنقطع‌، و المرح‌ شدة الفرح‌، مرح‌ يمرح‌ مرحاً، فهو مرح‌. و ‌قال‌ قتادة: مرحاً خيلاء و كبراً. و ‌قوله‌ «ذلِك‌َ مِمّا أَوحي‌ إِلَيك‌َ رَبُّك‌َ مِن‌َ الحِكمَةِ» ‌ أي ‌ ‌ذلک‌ ‌ألذي‌ ذكرناه‌ و قصصناه‌ ‌من‌ جملة ‌ما اوحي‌ اليك‌ ‌ يا ‌ ‌محمّد‌ ربك‌ ‌من‌ الحكمة ‌ أي ‌ الدلائل‌ ‌الّتي‌ تؤدي‌ ‌إلي‌ المعرفة بالحسن‌ و القبيح‌، و الفرق‌ بينهما، و الواجب‌ مما ‌لا‌ يجب‌، و ‌ذلک‌ كله‌ مبين‌ ‌في‌ القرآن‌، فهو الحكمة البالغة. ‌ثم‌ نهاه‌ ‌ان‌ يتخذ ‌مع‌ اللّه‌ معبوداً آخر يشركه‌ ‌في‌ العبادة ‌مع‌ اللّه‌، فإنك‌ متي‌ فعلت‌ ‌ذلک‌ ألقيت‌ ‌في‌ «جهنم‌ ملوما» ‌ أي ‌ مذموماً «مدحورا» مطروداً‌-‌ ‌في‌ قول‌ ‌إبن‌ عباس‌.

‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ الإسراء (17): الآيات‌ 40 ‌الي‌ 42]

أَ فَأَصفاكُم‌ رَبُّكُم‌ بِالبَنِين‌َ وَ اتَّخَذَ مِن‌َ المَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُم‌ لَتَقُولُون‌َ قَولاً عَظِيماً (40) وَ لَقَد صَرَّفنا فِي‌ هذَا القُرآن‌ِ لِيَذَّكَّرُوا وَ ما يَزِيدُهُم‌ إِلاّ نُفُوراً (41) قُل‌ لَو كان‌َ مَعَه‌ُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُون‌َ إِذاً لابتَغَوا إِلي‌ ذِي‌ العَرش‌ِ سَبِيلاً (42)


[1] ديوانه‌ 108 و ‌قد‌ مر قسم‌ ‌من‌ ‌هذا‌ الرجز ‌في‌ 1: 296 و ‌في‌ 4: 297
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 6  صفحة : 479
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست