responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 6  صفحة : 339

‌ما للمتقين‌، ‌فقال‌ «‌ان‌ للمتقين‌» ‌الّذين‌ يتقون‌ عقاب‌ اللّه‌ باجتناب‌ معاصيه‌ و فعل‌ طاعته‌ «جنات‌» و ‌هي‌ البساتين‌ ‌الّتي‌ تنبع‌ ‌فيها‌ المياه‌، ‌کما‌ تفور ‌من‌ الفوارة، ‌ثم‌ يجري‌ ‌في‌ مجاريه‌، و انما يشوقهم‌ ‌الي‌ الثواب‌ بالجنان‌، لأنها ‌من‌ اسباب‌ لذات‌ الدنيا المؤدية اليها، ‌کما‌ ‌ان‌ النار ‌من‌ اسباب‌ الآلام‌ لمن‌ حصل‌ ‌فيها‌.

و الفرق‌ ‌بين‌ الجنة و الروضة: ‌ان‌ الجنة ‌لا‌ بد ‌ان‌ ‌يکون‌ ‌فيها‌ شجر، لان‌ أصلها ‌من‌ ‌ان‌ الشجر يجنها، و الروضة ‌قد‌ تكون‌ بغير شجر، يقال‌: روضة خضرة و رياض‌ مونقات‌.

و ‌قوله‌ «ادخلوها» اي‌ يقال‌ للمتقين‌ «ادخُلُوها بِسَلام‌ٍ آمِنِين‌َ» بسلامة و ‌هي‌ البراءة ‌من‌ ‌کل‌ آفة و مضرة، ‌کما‌ ‌قال‌ «وَ إِذا خاطَبَهُم‌ُ الجاهِلُون‌َ قالُوا سَلاماً»[1] اي‌ براءة منكم‌، و معني‌ «آمنين‌» اي‌ ساكني‌ النفس‌ ‌الي‌ انتفاء الضرر. و الامانة الثقة بالسلامة ‌من‌ الخيانة.

و ‌قوله‌ «وَ نَزَعنا ما فِي‌ صُدُورِهِم‌ مِن‌ غِل‌ٍّ» فالغل‌ الحقد ‌ألذي‌ ينعقد ‌في‌ القلب‌، و ‌منه‌ الغل‌ ‌ألذي‌ يجعل‌ ‌في‌ العنق‌، و الغلول‌ الخيانة ‌الّتي‌ تطوق‌ عارها صاحبها، فبين‌ ‌تعالي‌ ‌ان‌ الأحقاد ‌الّتي‌ ‌في‌ صدور اهل‌ الدنيا تزول‌ ‌بين‌ اهل‌ الجنة و يصبحون‌ «إخوانا» متحابين‌ «‌علي‌ سرر» و ‌هي‌ جمع‌ سرير، و ‌هو‌ المجلس‌ الرفيع‌ موطأ للسرور، و يقال‌ ‌في‌ جمعه‌: اسرة ايضاً، و ‌هو‌ مأخوذ ‌من‌ السرور، لأنه‌ مجلس‌ سرور «متقابلين‌» اي‌ ‌کل‌ واحد منهم‌ مقابل‌ لصاحبه‌ و محاذ لأخيه‌، فانه‌ بذلك‌ يعظم‌ سرورهم‌. و التقابل‌ وضع‌ ‌کل‌ واحد بإزاء الآخر ‌علي‌ التشاكل‌ و ‌قال‌ قوم‌:

‌ان‌ نزع‌ الغل‌ ‌يکون‌ قبل‌ دخول‌ الجنة. و ‌قال‌ آخرون‌: ‌يکون‌ ‌ذلک‌ ‌بعد‌ دخولهم‌ ‌فيها‌.

و ‌قوله‌ «لا يَمَسُّهُم‌ فِيها نَصَب‌ٌ» اخبار ‌منه‌ ‌تعالي‌: ‌ان‌ هؤلاء المؤمنين‌ ‌الّذين‌ حصلوا ‌في‌ الجنة «إِخواناً عَلي‌ سُرُرٍ مُتَقابِلِين‌َ» ‌لا‌ يمسهم‌ ‌في‌ الجنة نصب‌ و ‌هو‌ التعب‌ و الوهن‌ ‌ألذي‌ ‌من‌ العمل‌، للوهن‌ ‌ألذي‌ يلحق‌. ‌ثم‌ اخبر انهم‌ ‌مع‌ ‌ذلک‌


[1] ‌سورة‌ 25 الفرقان‌ آية 63
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 6  صفحة : 339
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست