و قوله «لَو ما تَأتِينا بِالمَلائِكَةِ» معناه هلا تأتينا، و هو دعاء الي الفعل و تحضيض عليه، و مثله قوله «لَو لا أُنزِلَ عَلَيهِ مَلَكٌ» قال الشاعر:
تعدون عقر النيب أفضل مجدكم بني ضو طري لو لا الكمي المقنعاً[1]
و قد جاء (لو ما) في معني (لو لا) الّتي لها جواب قال إبن مقيل:
لو ما الحياء و لو ما الدين عبتكما ببعض ما فيكما إذ عبتما عوري[2]
اي لو لا الحياء. و المعني في الآية هلا تأتينا بالملائكة إن كنت صادقاً في انك نبي، و قال ابو عبيد عن إبن جريج: فيه تقديم و تأخير يعني قوله «وَ لَو فَتَحنا» هو جواب «لَو ما تَأتِينا» و المعني: فلو فعلنا ذلک بهم ايضاً لما آمنوا، و ما بينهما كلام مقدم و المراد به التأخير، قال المبرد: هذا ألذي ذكره جائز لكن فيه بعد لأنه يلبس بأن يکون فتح عليهم من أنفسهم فعرج بهم. و اللّه اعلم. و كلا الأمرين غير ممتنع الا ان العرب تمنع مما فيه لبس.
و قوله «ما نُنَزِّلُ المَلائِكَةَ إِلّا بِالحَقِّ» قرأ حمزة و الكسائي و حفص عن عاصم بالنون و نصب الملائكة. الباقون بالتاء و رفع الملائكة إلا أبا بكر عن عاصم فانه ضم التاء علي ما لم يسم فاعله. فحجة من قرأ بالنون قوله «وَ لَو أَنَّنا نَزَّلنا إِلَيهِمُ المَلائِكَةَ»[3] و حجة من قرأ «تنزل الملائكة» بفتح التاء قوله «تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها»[4]. و حجة من قرأ علي ما لم يسم فاعله قوله «ما تنزل الملائكة الا بالحق» و قوله تعالي «وَ نُزِّلَ المَلائِكَةُ تَنزِيلًا»[5].
و معني قوله «ما نُنَزِّلُ المَلائِكَةَ إِلّا بِالحَقِّ» يعني بالحق ألذي لا يلبس معه الباطل طرفه عين. و قال الحسن و مجاهد: معناه إلا بعذاب الاستئصال اي لم