و من قرأ بفتح اللام الأولي و ضمّ الثانية جعل (إن) هي المخففة من الثقيلة علي تعظيم أمر مكرهم، و هو في تعظيم مكرهم، کما قال في موضع آخر «وَ مَكَرُوا مَكراً كُبّاراً»[1] أي قد کان مكرهم من الكبر و العظم بحيث يكاد يزيل ما هو مثل الجبال في الامتناع، علي من أراد إزالته و مثله في تعظيم الأمر قول الشاعر:
ألم ترَ صدعاً في السماء مبينا علي إبن لبيني الحارث بن هشام[2]
و قال آخر:
بكي حارث الجولان من موت ربه و حوران منه خاشع متضائل[3]
و قال أوس:
ألم تكسف الشمس شمس النهار مع النجم و القمر الواجب[4]
فهذا كله علي تعظيم الامر و تفخيمه و يدل علي ان الجبال يعني بها أمر النبي صلّي اللّه عليه و سلّم قوله بعد ذلک «فَلا تَحسَبَنَّ اللّهَ مُخلِفَ وَعدِهِ رُسُلَهُ» اي بعد وعدك الظهور عليهم و الغلبة لهم في قوله «لِيُظهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ»[5] و في قوله «قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغلَبُونَ وَ تُحشَرُونَ»[6] و قد استعمل لفظ الجبال في غير هذا في تعظيم الشيء و تفخيمه قال إبن مقبل:
إذا مت عن ذكر القوافي فلن تري لها شاعراً مثلي أطب و اشعرا
و اكثر بيتاً شاعراً ضربت به بطون جبال الشعر حتي تيسرا[7]