و قوله «رَبِّ اجعَلنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ» سؤال من ابراهيم (ع) للّه تعالي ان يجعله ممن يقيم شرائط الصلاة و يدوم عليها بلطف يفعله به يختار ذلک عنده، و سأله ان يفعل مثل ذلک بذريته، و أن يجعل منهم جماعة يقيمون الصلاة، و هم الّذين اعلمه اللّه ان يقوموا بها دون الكفار الّذين لا يقيمون الصلاة «رَبَّنا وَ تَقَبَّل دُعاءِ» رغبة منه اليه تعالي ان يجيب دعاءه فيما سأله.
و قوله «رَبَّنَا اغفِر لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِلمُؤمِنِينَ يَومَ يَقُومُ الحِسابُ» نداء من ابراهيم للّه تعالي ان يغفر له و لوالديه و لجميع المؤمنين، و هو ان يستر عليهم ما وقع منهم من المعاصي عند من أجاز الصغائر عليهم، و من لم يجز ذلک حمل ذلک علي أنه انقطاع منه اليه تعالي فيما يتعلق به، و سؤال علي الحقيقة في غيره. و قد بينا ان أبوي ابراهيم لم يكونا كافرين[1] و في الآية دلالة علي ذلک، لأنه سأل المغفرة لهما يوم القيامة، فلو كانا كافرين لما قال ذلک، لأنه قال تعالي «فَلَمّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنهُ»[2] فدل ذلک علي ان أباه ألذي کان كافراً جده لأمه او عمه علي الخلاف. قال البلخي: ان أمه كانت مؤمنة، لأنه سأل ان يغفر لأبيه و حكي أنه «كانَ مِنَ الضّالِّينَ»[3] و قال «إِلّا قَولَ إِبراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَستَغفِرَنَّ لَكَ»[4] و لم يقل لأبويه «يَومَ يَقُومُ الحِسابُ» أي يقوم فيه الحساب. و العامل في يوم قوله (اغفر).
وَ لا تَحسَبَنَّ اللّهَ غافِلاً عَمّا يَعمَلُ الظّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُم لِيَومٍ تَشخَصُ فِيهِ الأَبصارُ (42) مُهطِعِينَ مُقنِعِي رُؤُسِهِم لا يَرتَدُّ إِلَيهِم طَرفُهُم وَ أَفئِدَتُهُم هَواءٌ (43)
آيتان بلا خلاف.