و قوله «فَما لَبِثَ أَن جاءَ بِعِجلٍ حَنِيذٍ» معني ذلک لم يتوقف حتي جاء- علي عادته في إكرام الأضياف و تقديم الطعام اليهم- بعجل، و هو ولد البقرة يسمي بذلك لتعجيل أمره بقرب ميلاده. و يقال: فيه عجول و جمعه عجاجيل، و «الحنيذ» المشوي و معناه محنوذ، فجاء «فعيل» بمعني «مفعول» كطبيخ و مطبوخ، و قتيل و مقتول تقول: حنذه حنذاً و يحنذه قال العجاج:
و رهبا من حنذه أن يهجرا[1]
يعني الحمراء الوحشية أي حنذها حر الشمس علي الحجارة. و قال الحسن حنيذ بمعني نضيج مشوي. و قال إبن عباس و قتادة و مجاهد: نضيج.
و حكي الزجاج أن الحنيذ هو ألذي يقطر ماؤه تقول العرب أحنذ هذا الفرس أي جلله حتي يقطر عرقاً.
و انما قدم الطعام اليهم و هم ملائكة لأنه رآهم في صورة البشر، فظنهم أضيافاً.
و قال الحسن: جاؤوه فاستضافوه، و الا لم يخف عليه أن الملائكة لا يأكلون و لا يشربون. و قوله «أن جاء» في موضع نصب بوقوع لبث عليه، كأنه قال فما ابطأ عن مجيئه بجعل، فلما حذف حرف الجر نصب.
قال الفراء: و يحتمل «ان جاء بعجل» أن يکون في موضع رفع بأن تجعل (لبث) فعلا له كأنك قلت فما أبطأ مجيئه بعجل حنيذ، قال الفراء: (الحنيذ) ما حفرت له في الإرض ثم عممته و هو فعل أهل البادية. قال الفراء و غيره: و انما