و الآخر- انه لما كثر استعمال هذه الكلمة، و فيها الالف و الام جاز حذفها منها لكثرة الاستعمال کما حذفوا من اللهم فقالوا: لا هم کما قال الشاعر:
لا هم لا هم ان عامر العجوز قد حبس الخيل علي يعمور
و من قرأ (سلّم) بلا الف احتمل أمرين: أحدهما- ان يکون بمعني (سلّم) و المعني أمرنا سلّم و سلّم عليكم، و يکون سلام بمعني سلّم، كقولهم حل و حلال، و حرم و حرام، انشد القراء:
وقفنا فقلنا ايه سلّم فسلمت کما أكيل بالبرق الغمام اللوائح[1]
و روي کما أنكل. ثم قال الفراء في رفع سلام انه حين نكرهم، قال هو سلّم ان شاء اللّه، من أنتم! فعلي هذا القراءتان بمعني واحد. و الآخر أن يکون (سلّم) خلاف العدو، و الحرب. كأنهم لما كفوا عن تناول ما قدم اليهم فنكرهم و أوجس منهم خيفة، قال انا سلّم، و لست بحرب و لا عدو، فلا تمتنعوا من تناول طعامي، کما يمتنع من تناول طعام العدو، و قوله «و لقد» دخلت اللام لتأكيد الخبر، کما يؤكد القسم، و معني (قد) هنا ان السامع لقصص الأنبياء يتوقع قصة بعد قصة، و (قد) للتوقع فجاءت لتؤذن أن السامع في حال توقع. أخبر اللّه تعالي أنه لما جاءت رسل ابراهيم يبشرونه.
و قيل في البشارة بما ذا كانت قولان:
أحدهما- قال الحسن كانت بأن اللّه تعالي يهب له إسحاق ولداً و يجعله رسولا الي عباده.
و قال غيره كانت البشارة باهلاك قوم لوط. و قوله «قالُوا سَلاماً» حكاية ما قال رسل اللّه لإبراهيم مجيباً لهم «سلام».