و قال البلخي. يجوز ان يکون معطوفاً علي قوله «وَ هُم يَكفُرُونَ بِالرَّحمنِ ...
وَ لَو أَنَّ قُرآناً» و يستغني بذلك عن الجواب، کما تقول: هو يشتمني و لو أحسنت اليه، و هو يؤذيني و لو أكرمته.
و قوله «بَل لِلّهِ الأَمرُ جَمِيعاً» معناه ان جميع ما ذكر- من تسيير الجبال و تقطيع الإرض و إحياء الموتي، و کل تدبير يجري هذا المجري- للّه، لأنه لا يملكه و لا يقدر عليه سواه.
و قوله «أَ فَلَم يَيأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا» قيل في معناه قولان:
أحدهما- قال إبن عباس، و مجاهد، و الحسن، و قتادة، و إبن زيد، و ابو عبيدة: معناه أ فلم يعلم، قال سحيم:
أقول لهم بالشعب إذ يأسرونني ألم ييأسوا اني إبن فارس زهدم[1]
معناه ألم يعلموا.
الثاني- قال الفراء: معناه «أَ فَلَم يَيأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا» ان ينقطع طمعهم من خلاف هذا، علما بصحته، کما قال لبيد:
حتي إذا يئس الرماة فأرسلوا عصفاً دواجن قافلًا اعصامها[2]
معناه: حتي إذا يئسوا من کل شيء الا ألذي ظهر اي يئسوا من خلاف ذلک لعلمهم بصحته، و العلم بالشيء يوجب اليأس من خلافه.
و قوله «لَو يَشاءُ اللّهُ لَهَدَي النّاسَ جَمِيعاً» معناه الم يعلموا ان اللّه لو أراد ان يهدي خلقه كلهم الي جنته لهداهم، لكنه كلفهم لينالوا الثواب بطاعاتهم علي وجه الاستحقاق. و يحتمل ان يکون المعني لو أراد ان يلجئهم إلي الاهتداء لقدر علي علي ذلک، لكنه ينافي التكليف و يبطل الغرض منه.