قلنا: اما تقدم جواب (لو لا) فجائز مستعمل و سنذكر ذلک فيما بعد، و لا نحتاج اليه في هذا الجواب، لان العزم علي الضرب و الهم به وقعا إلا انه انصرف عنها بالبرهان ألذي رآه، و يکون التقدير و لقد همت به و هم بدفعها لو لا ان رأي برهان ربه، لفعل ذلک، فالجواب المتعلق ب (لو لا) محذوف في الكلام، کما حذف في قوله «وَ لَو لا فَضلُ اللّهِ عَلَيكُم وَ رَحمَتُهُ. وَ أَنَّ اللّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ»[1] معناه، و لو لا فضل اللّه عليكم لهلكتم و مثله «كَلّا لَو تَعلَمُونَ عِلمَ اليَقِينِ»[2] لم تنافسوا في الدنيا و تحرصوا علي حطامها، و قال امرؤ القيس:
فلو انها نفس تموت سويّة و لكنها نفس تساقط أنفسا[3]
و المعني فلو انها نفس تموت سوية لنقصت و فنيت، فحذف الجواب تعويلًا علي ان الكلام يقتضيه، و لا بد لمن حمل الآية علي انه هم بالفاحشة ان يقدر الجواب، لان التقدير، و لقد همت بالزنا و هم بمثله، و «لَو لا أَن رَأي بُرهانَ رَبِّهِ» لفعله.
و انما حمل همّها علي الفاحشة و همّه علي غير ذلک، لأن الدليل دل من جهة العقل و الشرع علي ان الأنبياء، لا يجوز عليهم فعل القبائح، و لم يدل علي انه لا يجوز عليها ذلک بل نطق القرآن بأنها همت بالقبيح، قال اللّه تعالي و قال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه. و قوله حاكياً عنها الآن حصحص الحق انا راودته عن نفسه و إنه لمن الصادقين و قال «قالَت فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمتُنَّنِي فِيهِ وَ لَقَد راوَدتُهُ عَن نَفسِهِ فَاستَعصَمَ» و أجمعت الأمة من المفسرين و اصحاب الاخبار
[1] سورة النور آية 20. [2] سورة التكاثر آية 5. [3] ديوانه: 117 و اللسان «جمع» و امالي السيد المرتضي 1: 479. و رواية اللسان «جميعه» بدل «سوية».
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 6 صفحة : 122