في الكلام حذف، لان التقدير إنهم أجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب، و فعلوا ذلک، فلما فعلوه جاؤوا حينئذ «أَباهُم عِشاءً يَبكُونَ» و المجيء و المصير الي الشيء واحد، و قد يکون المصير بالانقلاب، كمصير الطين خزفاً، و قد يکون بمعني الانتقال. و العشاء آخر النهار. و نصبه لأنه من ظروف الزمان. و منه اشتق (الأعشي) لأنه يستضيء ببصر ضعيف. و البكاء جريان الدمع من العين عند حال الحزن، فكانوا يعلمون أن أباهم يحزن لما جاءوا من خبر يوسف، فبكوا مع بكائه عليه، و في حال خبره لما تصوروا تلك الحال. و قيل: إنهم أظهروا البكاء ليوهموا أنهم صادقون فيما قالوه.
و قوله «إِنّا ذَهَبنا نَستَبِقُ» قيل في معناه قولان:
أحدهما- قال الزجاج: ذهبنا نتنصل مشتق من السباق في الرمي. و قال الجبائي: نستبق في العدو لنعلم أينا أسرع عدواً «وَ تَرَكنا يُوسُفَ عِندَ مَتاعِنا» يعني تركناه عند الرحل ليحفظه.
و قوله «وَ ما أَنتَ بِمُؤمِنٍ لَنا» أي لست بمصدق لنا «وَ لَو كُنّا صادِقِينَ» و جواب (لو) محذوف، و تقديره: و لو كنا صادقين ما صدقتنا، لاتهامك لنا في أمر يوسف، و دل الكلام عليه. و لم يصفوه بأنه لا يصدق الصادق، لان المعني
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 6 صفحة : 110