أجمع الا إذا قويت الدواعي الي الفعل من غير صارف و أما من دعاه داع واحد، فلا يقال فيه أَنه أَجمع، فكأنه مأخوذ من اجتماع الدواعي، و يجوز ان يکون المراد انهم اتفقوا علي إلقائه في غيابة الجب، و الجعل و التصيير و العمل نظائر في اللغة.
و الغيابة البقعة الّتي يغيب فيها الشيء عن الحس. و قيل طلبوا بئراً قليلة الماء تغيبه و لا تغرقه. و قيل بل جعلوه في جانب جبها، و سمّي البئر الّتي لم تطو جباً لأنه جبّ ترابها عنها فقط، كأنه ليس فيها إلا قطع التراب. و جواب (لمّا) محذوف و تقديره عظمت فتنتهم أو كبر ما قصدوا له. و قال قوم: الواو في و أجمعوا مقحمة. و المعني أجمعوا أن يجعلوه و هو مذهب الكوفيين، و أنشدوا قول امرئ القيس:
فلمّا أجزنا ساحة الحيّ و انتحي بنا بطن خبت ذي قفاف عقنقل[1]
يريد، فلما أجزنا ساحة الحي انتحي، و قال آخر:
حتي إذا قملت بطونكم و رأيتم أبناءكم شبّوا
و قلبتم ظهر المجن لنا ان اللئيم العاجز الخبُّ[2]
يريد قلبتم، فادخل الواو. و البصريون لا يجيزونه. و قوله «وَ أَوحَينا إِلَيهِ» يعني إِلي يوسف، قال الحسن أَعطاه اللّه النبوة، و هو في الجب «لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمرِهِم هذا» معناه ستخبرهم بذلك في المستقبل و «هُم لا يَشعُرُونَ» قال إبن عباس و الحسن و إبن جريج لا يشعرن بأنه يوسف. و قال مجاهد و قتادة: لا يشعرون بأنه اوحي اليه.
و الشعور ادراك الشيء بمثل الشعرة في الدقة، و منه المشاعر في البدن. و قال
[1] ديوانه: 149 من معلقته الشهيرة و تفسير الطبري 15: 575 و في المعلقات العشر (حقاف) بدل (قفاف) و قال و روي (حقف ذي ركام). [2] انظر 3: 19 تعليقة 4.
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 6 صفحة : 109