القبح. و قوله «وَ ذلِكَ جَزاءُ المُحسِنِينَ» و إن کان مطلقاً فهو مقيد في المعني بالمحسنين الّذين يجوز عليهم الوعد بالنفع، لأنه وعد به، ألا تري أن اللّه تعالي يفعل الإحسان و إن کان لا يصح عليه الثواب لأنه مضمن بمن يجوز عليه المنافع و المضار فجزاؤه هذه المنافع العظام دون المضار، لأنه خرج مخرج استدعاء العباد الي فعل الإحسان.
وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصحابُ الجَحِيمِ (86)
آية بلا خلاف.
لما کان أهل الكتاب فريقين أحدهما آمنوا، و الثاني كفروا، و ذكر الوعد للمؤمنين منهم اقتضي أن يذكر الوعيد لمن كفر منهم و أطلق اللفظ ليكون لهم و لكل من جري مجراهم، و إنما شرط في الوعيد علي الكفر بالتكذيب بالآيات و إن کان کل واحد، منهما يستحق به العقاب، لأن صفة الكفار من أهل الكتاب أنهم يكذبون بالآيات، فلم يصلح- هاهنا- لو كذبوا لأنهم قد جمعوا الأمرين، و لأن دعوة الرسول (ص) بوعيد الكفار ظاهرة مع مجيء القرآن به في نحو قوله «إِنَّ اللّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَ يَغفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَن يَشاءُ»[1] فلم يقع فيه اشكال لهذا. و قوله «أُولئِكَ» يعني هؤلاء الكفار.
و «أَصحابُ الجَحِيمِ» يعني الملازمون لها، كقولك أصحاب الصحراء و ليس كمثل أصحاب الأموال، لأن معني ذلک ملاك الأموال. و ليس من شرط المكذب أن يکون عالماً أن ما كذب به صحيح بل إذا اعتقد أن الخبر كذب سمي مكذباً، و إن لم يعلم أنه كذب، و إنما يستحق الذم، لأنه جعل