اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 4 صفحة : 486
يليها الفعل، لأنها حينئذ قد صارت حرفا من حروف الابتداء. و اللام في قوله «لفاسقين» لام الابتداء الّتي تكسر لها (ان) و انما جاز ان يعمل ما قبلها فيما بعدها، لأنها مزحلقة عن موضعها إذ لها صدر الكلام و لكن كره الجمع بينها و بين (ان) فأخرت.
و قال قوم: المعني و ما وجدنا أكثرهم الا فسقة. فان قيل: كيف قال «أَكثَرَهُم لَفاسِقِينَ» و هم كلهم فاسقون!
قيل يجوز ان يکون الرجل عدلا في دينه غير متهتك و لا مرتكب لما يعتقد قبحه و تحريمه، فيكون تأويل الآية و ما وجدنا أكثرهم- مع كفره- الا فاسقا في دينه غير لازم لشريعته خائنا للعهد قليل الوفاء، و ان کان ذلک واجب عليه في دينه.
و فيها دلالة علي انه يکون في الكفار من يفي بعهده و وعده و بعيد عن الخلف و ان کان كافرا. و كذلك قد يکون منهم المتدين ألذي لا يري ان يأتي ما هو فسق في دينه كالغصب و الظلم، فأخبر تعالي انهم مع كفرهم كانوا لا وفاء لهم و لا يدينون بمذهبهم بل كانوا يفعلون ما هو فسق عندهم، و ذلک يدل علي صحة قول من يقول تجوز شهادة أهل الذمة في بعض المواضع.