و النصح إخلاص المعاملة من شائب الفساد في النية. و الأمين المأمون من أن يکون منه تغيير له أو تبديل.
و في الآية دلالة علي أنه يجوز للإنسان أن يزكي نفسه عند الحاجة اليه.
أَ وَ عَجِبتُم أَن جاءَكُم ذِكرٌ مِن رَبِّكُم عَلي رَجُلٍ مِنكُم لِيُنذِرَكُم وَ اذكُرُوا إِذ جَعَلَكُم خُلَفاءَ مِن بَعدِ قَومِ نُوحٍ وَ زادَكُم فِي الخَلقِ بَصطَةً فَاذكُرُوا آلاءَ اللّهِ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ (69)
آية.
قد بينا معني قوله «أَ وَ عَجِبتُم أَن جاءَكُم ذِكرٌ مِن رَبِّكُم عَلي رَجُلٍ مِنكُم لِيُنذِرَكُم» فلا معني لإعادته. و انما أنكر العجب مع أنه خفي بسببه، و خرج عن العادة لظهور الدلائل فيه و قيام البراهين عليه من الإرسال اليهم من تنبيههم علي ما اغفلوه و تعريفهم ما جهلوه. و الفرق بين العَجب و العُجب، أن العجب- بضم العين- عقد النفس علي فضيلة لا ينبغي ان يعجب منها السبب لها، و ليس كذلك العجب- بفتح العين و الجيم- لأنه قد يکون حسنا. و قد قيل في المثل (لا خير فيمن لا يتعجب من العجب و أرذل منه المتعجب من غير عجب).
و قوله «وَ اذكُرُوا إِذ جَعَلَكُم خُلَفاءَ» فخلفاء جمع خليفة، و هو الكائن بدل غيره ليقوم بالأمر مقامه في تدبيره. و خلفاء جمعه علي التكذيب مثل ظريف و ظرفاء، و لو جمعه علي اللفظ لقال: خلائف نحو كريمة و كرائم، و ورد ذلک في القرآن، قال اللّه تعالي «هُوَ الَّذِي جَعَلَكُم خَلائِفَ»[1].
و قوله «مِن بَعدِ قَومِ نُوحٍ» امتنان عليهم بما مكنهم في الإرض و جعلهم بدل قوم نوح حين أهلكهم اللّه. و قوله «وَ زادَكُم فِي الخَلقِ بَصطَةً» قريء