قالَ يا قَومِ لَيسَ بِي سَفاهَةٌ وَ لكِنِّي رَسُولٌ مِن رَبِّ العالَمِينَ (67)
آية بلا خلاف.
هذه الآية فيها إخبار عما قال هود (ع) لقومه مجيبا لهم حين قالوا له:
«إِنّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ» و أنه قال «لَيسَ بِي سَفاهَةٌ» و موضع (قوم) نصب، لأنه نداء مضاف فلو وصفته لما جاز في صفته الا النصب، و انما حذفت بالاضافة، لان النداء أحق بالحذف ألذي يکون في غيره لقوة اليقين فيه.
و قوله «وَ لكِنِّي رَسُولٌ مِن رَبِّ العالَمِينَ» استدراك ب (لكن) لان فيه معني ما دعاني الي أمركم السفه، و لكن دعاني اليه أني رسول من رب العالمين.
و قد بينا أن (من) هاهنا بمعني ابتداء الغاية، و التقدير المبتدئ بالرسالة رب العالمين و المنتهي اليه الرسالة لامته، لأنه أرسل اليهم.
أُبَلِّغُكُم رِسالاتِ رَبِّي وَ أَنَا لَكُم ناصِحٌ أَمِينٌ (68)
قد بينا معني الإبلاغ، و هو إحضار الشيء غيره علي وجه الانتهاء، و منه قوله «ثُمَّ أَبلِغهُ مَأمَنَهُ»[1] و قد يکون إحضار النفس البيان للافهام، و الإبلاغ أشد اقتضاء للمنتهي اليه من الإيصال، لأنه يقتضي بلوغ فهمه و عقله كالبلاغة الّتي تصل الي سويداء قلبه. و لا يجوز بدل «رسالات ربي» نبوات ربي، لان النبوة تكليف القيام بالرسالة، فإنما يبلغ الرسالة و لا يبلغ التكليف.
و قوله «وَ أَنَا لَكُم ناصِحٌ أَمِينٌ» معناه اني ناصح لكم فيما أدعوكم اليه من طاعة اللّه و اخلاص عبادته. و قيل: ان معناه اني كنت فيكم أمينا قبل النبوة